ترجمة لمقابلة أجرتها صحيفة القلم الفرنسية مع الرئيس مسعود ولد بلخير
القلم: أنهت وزارة الداخلية للتو أياماً من المشاورات مع الأحزاب السياسية في الأغلبية والمعارضة، وكان الهدف منها هو التحضير للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 22 يونيو.
هل يمكننا أن نعرف سبب مقاطعة حزبكم لهذه المشاورات؟
ألا تثيرك الانتخابات الرئاسية؟
الرئيس مسعود بلخير: لم تتم دعوتي بشكل رسمي، كما أن سلوكيات جهة الإشراف ومواقفها تظهر، مع استثناء نادر، منذ وصول الوزير الحالي، جهلا تاما بالنصوص المنظمة لعلاقاتها مع الأحزاب السياسية، التي هي بعيدة كل البعد عن كونها مجرد قطيع شخصي يتولى المعني تربيته، دون خبرة في الرعي.
عندما يتفضل الوزير بالموافقة على اعتبارهم بشرًا، فإن كل سلوكياته تنضح بالذاتية المفرطة، وانعدام تام للاحترام، كما لو كان الجميع ملزمين بلعق حذائه من أجل البقاء.
يتم الاستدعاء الرسمي، دون استشارة مسبقة، ولا يحمل أي جدول للأعمال، وفي أغلب الأحيان يصل في الليل، يضاف إلى كل ذلك وجود عجز في ممارسات مفهوم الدولة.
إن طغيان الذاتية المذكور أعلاه دفعه إلى الاعتقاد بأن وعوده الشخصية تساوي في نظره أكثر من المصالح العليا للدولة، وهو ما يبرر التضحية بهذه الأخيرة لصالح احترام الالتزام الذي قطعه على نحو غير مبرر للأصدقاء.
التحالف الشعبي تمت دعوته هاتفياً إلى الاجتماع الذي تم إخفاء جدوله، رغم طلبنا له بشكل رسمي، وكان واضحاً أن كل شيء يدور حول «الميثاق الجمهوري»، الذي ما زال وقوده ينفد، لكن جهة الوصاية أرادت فرض التوافق عليه، ولهذا لم تخجل من الحشو والتلاعب، لكل هذه الأسباب، لم نوافق على هذه العملية الفاضحة والمخزية التي كان فشلها واضحا لنا منذ البداية.
لم تكن الانتخابات الرئاسية موضوعاً يمكن مناقشته مع “النكرات” لأن الكبار فقط (دون معرفة من هم الكبار، أو ما هي آلية تحديدهم!؟) هم المعنيون. ومن ثم، فمن المؤكد أنها كانت ستثير اهتمامي لعدة أسباب، تجعلها أكثر ضرورة من كل ما سبقها من الانتخابات الرئاسية، فلو أن الأحكام المنقذة للديمقراطية ومحركها الأساسي، الانتخابات، قد تم السعي إليها، والحصول عليها وتنفيذها بإجماع واسع النطاق، وبمشاركة وتمثيل الجميع، لكنا في بداية الركب.
والانتخابات الرئاسية، مهما كانت، ستكون بلا طعم ولا رائحة إذا جرت في نفس الظروف التي جرت فيها الانتخابات النيابية، والجهوية، والبلدية الأخيرة، التي انتهت بشكل كارثي، تحت أعين السلطة، أو الأمير، قبل أشهر قليلة.
القلم: قمتم قبل أسابيع قليلة بمبادرة تدعو أحزاب المعارضة إلى رفض ولاية ثانية للرئيس الغزواني، لكنكم في الوقت نفسه دعوتم إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية وتنظيم انتخابات محلية مبكرة. ما الذي يبرر هذا النهج؟
وهل هناك أحزاب سياسية تدعمه؟
الرئيس مسعود: إنما هو في الأساس هروب من الحلقة المفرغة للأخطاء المتكررة التي منعتنا، لأكثر من ستة عقود، من المضي قدما بأي شكل من الأشكال، لذلك جاءت هذه المبادرة، التي أتحمل مسؤوليتها الكاملة، والشخصية، ولكنني على استعداد تام لمشاركتها مع جميع مواطني بلدي الذين يطمحون بشدة إلى إنشاء جمهورية إسلامية موريتانية مختلفة، مختلفة بشكل تام وحقيقي.
لقد ظل بلدنا يواجه منذ أكثر من ستين عامًا أزمة وجودية كبيرة جدًا، تضخمت هنا وهناك بسبب التناقضات والاختلالات المؤسسية، والمظالم الاجتماعية التي لا توصف، والانحرافات الاقتصادية، والبدع الدينية، والانحرافات الأخلاقية، التي يعاني منها، وبدلاً من المساعدة في التغلب عليها، على العكس من ذلك، لا تؤدي الممارسات المتبعة إلا إلى تفاقمها للأسف الشديد.
نشأت هذه الأزمة أيضًا بسبب عدم التوافق، على آليات لمواجهة الاتجاهات التي تشكل مصدرا للصدام بين الأجيال، من ناحية، وكذلك للصدامات الثقافية من ناحية أخرى، لغياب التعليم المكيف مع الحاجيات الوطنية (إذا كانت لدينا العناية) “بإرادة العيش معًا” والتي تطالب بها الأجيال من مختلف الخلفيات، والثقافات بشكل جدي، في ظل غياب تام لأي استثمار من طرفها لتحقيق ذلك.
تشكل هذه العبارات القليلة التي تمت صياغتها بشكل عاجل، التشخيص الدقيق للأمراض التي تسبب الإعاقة، وتوضح بكثير من الجد، حاجتنا لإعادة بناء دولتنا على أسس عادلة وتوافقية، وقد أصبح من الملح اكتشاف آليات لذلك، وتنفيذها دون مزيد من التأخير.
وبالتالي، الواقع ببساطة يحمل على التشكيك الكامل في القواعد الدستورية، والتشريعية، والتنظيمية، والقانونية، والتعليمية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، التي نعيش اليوم، لأنها غير مناسبة بشكل واضح لواقعنا العميق، الذي يتطلب المزيد من العدالة، والإنصاف، وقبل كل شيء المشاركة، وإعطاء فرص حقيقية للعيش المشترك، الذي يشكل بكل تأكيد مطلبا للجميع، دون اتخاذ أي إجراء ملموس لتحقيق ذلك.
ولهذا السبب، يتعين علينا أن نجتمع معًا، لطرح الأسباب الحقيقية للعديد من الإخفاقات المتراكمة، والاعتراف بأن مؤسساتنا على شكلها الحالي قد ورّثتها فرنسا عمدًا، وأنها ليست سوى دودة “النبق” تنخر جسم المجتمع والدولة، في ظل محاولة جعلها محلية وطبيعية.
ومن أجل منحنا الوقت للتفكير في كل هذا ومناقشته بصراحة، لمرة واحدة، اقترحت، من منطلق وطنيتي، على السيد الرئيس، وحباً للوطن، الموافقة أولا على شرف التنازل عن الترشح لـ “ولاية ثانية غير مؤكدة” للمساعدة، في الحصول على إجماع وطني شامل من قبل الممثلين وقادة الرأي في البلاد، يمكنه من تسليم الجمهورية الإسلامية الموريتانية عن طريق صوت الوحدة والديمقراطية والتقدم الذي تستحقه.
وهذا من شأنه أن يمنح السيد الرئيس لقب المؤسس الحقيقي للجمهورية، ذلك اللقب الذي احتُفظ به مع الصعود والهبوط، للرجل الوطني/ الرئيس الراحل المختار ولد داداه رحمه الله.
وسواء فهمتُ أم لا، فمصدر هذه المبادرة هو مخاوفي وحبي لبلدنا، وهدفي هو وضع حد للمخاوف والأخطاء والشكوك بمختلف أنواعها، التي تضعف البلاد وتمنعها من المضي قدما وتعرضها للخطر.
لذلك، وفي إطار واجب إشراك الجميع في الجهود المبذولة لبناء الدولة والأمة، جاءت هذه المبادرة، لإنهاء الوضع الذي يمنع موريتانيا من أن تكون دولة، وأمة لجميع سكانها الأصليين.
إن موريتانيا لن ترى النور أبدًا دون تنفيذ، جميع البنود الأساسية التي أقترحها، فورًا، أو بمجرد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية.
القلم: حزب التحالف الشعبي التقدم هو أحد أحزاب المعارضة التي لم توقع على الميثاق الجمهوري الموقع بين الأغلبية وحزبين معارضين (التكتل واتحاد قوى التقدم).
هل يمكننا معرفة الأسباب؟
وبحسب المصادر فإن الأطراف الموقعة على الميثاق اجتمعت معكم لطلب الانضمام إلى الاتفاق، لماذا تصرون على الرفض، وأنتم دائما تؤيدون في بعض تصرفاتكم وتصريحاتكم مستقبل موريتانيا وإجماع طبقتها السياسية؟
لم أوقع عليه لأنه، بطريقة ما، يمثل استمرارا للمشاورات التي بدأت تحت رئاسة السيد يحيى ولد أحمد الوقف، لتحل محل الوعد الانتخابي الذي قطعه المرشح الغزواني للتحالف الشعبي التقدمي، المتمثل في تنظيم حوار وطني شامل، في حالة انتخابه. ولم يتم الوفاء بهذا الوعد وتحول إلى مشاورات حصرية (بين الأحزاب السياسية فقط).
التحالف الشعبي رفض بدوره القبول لأنه بدا له أن الهدف هو الإشارة إلى الحزب بأنه مجرد حزب سياسي بسيط يمكن التلاعب به حسب الرغبة، وأن عدم أخذه في الاعتبار لن يؤدي إلى عواقب وخيمة.
ثم أصبح من الواضح أن المشاورات المذكورة أصبحت دليلاً على الرفض القاطع للرئيس الجديد للوفاء بجزئه من العقد، مع شريكه التحالف الشعبي التقدمي.
ولهذا السبب رفضنا المشاركة، والعواقب يعلمها الجميع، وهذا لم يسعد على الإطلاق بعض الذين عبروا أحيانًا عن ذلك دون ارتداء أي قفازات، متناسين أن جميع الرجال، سواء كانوا مسؤولين أو غير ذلك، على الرغم من أن الله تبارك وتعالى خلقهم من الطين، إلا أنه جل جلاله جعلهم غير متساوين في النضج، والقيم التي يحملونها، وهو ما يجعلهم مطالبين بالمزيد من نكران الذات تجاه الآخرين.
وبعد أن حاولوا بدورهم، عبثا، عرقلة اللقاءات التحضيرية للانتخابات الأخيرة بمقاطعتها، والتي جاءت بمبادرة من وزير الداخلية واللامركزية، والتي شاركنا فيها، وافقوا بشكل فوري على الانضمام “للقطيع” بوعد من الوزير، تمثل في أن خارطة طريق المشاورات الفاشلة ستعود إلى الطاولة قريبا جدا.
وهذا ما جعلني أرفض الانضمام إليه، خاصة أنهم لم يدعوني أبدًا في البداية للمشاركة معهم، وكانوا ينتظرون، حسب قولهم، الحصول على موافقة السيد الرئيس على ذلك.
لقد رفضت بالطبع وأبلغتهم بمبادرتي (التي أصبحت الآن علنية، باستثناء تفصيل واحد) ودعوتهم لمشاركتها، وإبلاغ الرئيس بها وهو ما رفضوه بكل سرور: وإذا لم يكن تم بيعي للرئيس في ذلك الوقت، فقد يكون سبب ذلك خوفهم من قبول المبادرة، بصفتها توفر مخرجًا مشرفًا جدًا للسيد الرئيس، وذلك ما قد يؤثر في اعتقادهم ربما على مسار مشاوراتهم، وتحالفاتهم، التي ينسجونها، وهو ما يطرح التساؤل حول نهجهم، والمآرب من ورائه.
القلم: البعض يقول إنك على خلاف مع رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني، فهو لم يلتق بك منذ فترة طويلة.
ما مدى دقة ذلك ؟
من أنا حتى أقارن بالسيد الرئيس الذي أكن له احتراماً عميقاً، وامتناناً صادقاً، لتصرفاته الكريمة والعديدة لصالحي، بما في ذلك رعايتي في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
بالتأكيد، أنا لا أتفق مع تصوره الخاص لدور الرئيس، والذي لا يبدو أنه يمنحه أي قيمة مهمة، تساعد في اتخاذ القرار، لكنه خياره وأنا أحترمه له، على الرغم من عواقبه المؤسفة على البلد.
بالفعل توقعت أن يتم استقبالي من طرف الرئيس بعد مقابلتي مع الأمين العام للوزارة المشرفة على التشاور، ورئيس حزب الإنصاف، ونائبه محمد يحيى حرمة، وكذلك رئيس منسقية أحزاب الأغلبية الرئاسية، الذين حاولوا إقناعي خلال اللقاء بالانضمام إلى “الميثاق المزعوم”. » ، وبعد أن انتقدت سير الاتفاق، قلت إن كلمتي الأخيرة ستكون معروفة عندما ألتقي السيد الرئيس؛ وقلت أيضًا إن الأولوية بالنسبة لي لم تكن الميثاق، بل ورشة عمل حول العمليات الانتخابية، وخاصة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
إن الشائعات الجديدة (القديمة) والتي أكدها رئيس اللجنة، تشوه سمعتها إلى الأبد.
وخلصت أيضًا إلى أنه إذا تمت دعوة الأطراف لحضور ورشة العمل هذه، فسيكونون أكثر تحمسا للمشاركة.
لقد شكروني جميعًا ووعدوني ببذل قصارى الجهد لضمان استقبالي بشكل عاجل من قبل الرئيس.
علمت لاحقًا أن وزير الإشراف قد نصح بعدم عقد هذه الجلسة، بسبب المعارضة القاطعة لأغلبية الموقعين على الميثاق.
وكنت عقدت العزم على منح السيد الرئيس أول إعلان من مبادرتي، وألا أدخر جهداً في حمله على قبولها، لما فيها من مصلحة الوطن، ومصلحته.
القلم: في عام 2019، دعم حزبكم المرشح الغزواني. هل يمكن النظر في هذه الفرضية في شهر يونيو المقبل؟
من المستبعد جدا !
القلم: أين أنتم من الخطوات التي اتخذتها أحزاب المعارضة لتقديم مرشح موحد للانتخابات الرئاسية؟
ألا تدفن التناقضات المذكورة، والتي كانت موجودة منذ فترة، هذا الأمل؟
فلننتظر جميعا لنعرف ماذا سيكون القرار النهائي للحزب؛
لقد علمنا للتو أن رئيس الوزراء بعث برسالة إلى رئيس مؤسسة المعارضة الديمقراطية يطلب منه عدم استقبال الأحزاب السياسية غير المرخصة في مقر المؤسسة.
ما هو تعليقك على ذلك ؟
أجد هذا الأمر الزجري الصادر عن السيد رئيس الوزراء غير مناسب وغير مقبول ولاغٍ، وباطل، وغير مفهوم، لأنه مسؤول عن تنسيق عمل أعضاء الحكومة، التي لا يعد رئيس مؤسسة المعارضة الديمقراطية واحدا منها.
ثم كان عليه أن يخطر أولا (إذا استطاع) وزير الداخلية الذي يقال إنه اختير “كمرشد” له، قبل الاختتام الكارثي والمخزي لأيام التشاور التي نظمت وسط ضجة كبيرة في القصر، حيث حضر كل هؤلاء “غير المرغوب فيهم” اليوم (في نظره)، والذين تمت مغازلتهم بالأمس فقط، في تحدٍ للمراجع التي يطرحها.
كان بإمكاني الاستمرار لكنني سأتوقف عند هذا الحد.
القلم: تفاعل التحالف الشعبي بقوة مع الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، والتي يتمثل هدفها الرئيسي في مطالبة بلادنا بالحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا مقابل دعم مالي بقيمة 210 مليون يورو.
ما الذي يقلقك بشأن هذه الاتفاقية؟
إن رد فعل الحكومة الذي تم بموجبه شرح بنود الاتفاقية، ولن تكون موريتانيا بمثابة منطقة احتجاز للمهاجرين الموقوفين في البحر أو العائدين من أوروبا، لا يطمئنكم؟
الرئيس مسعود: كان رد فعل الحزب أكثر تمردًا وسخطًا لأن جميع الوطنيين يشعرون بالخيانة، إلى أعلى درجة، من قبل قادتهم، الذين لا يحترمون الدستور، وقسم التنصيب، والجمعية الوطنية، وخارج أي استشارة للشعب، لقد وقعوا في فخ وأُهينوا علناً، كما فعل بالموريتانيين والمسلمين من قبل أوروبا اليهودية المسيحية دائما.
وما الذي يجب علينا أن نفكر به، حتى في اختيار تاريخ 07 لتوقيع اتفاقية الذل والعار التي تتناقض مع تاريخ 23/10/7 المجيد الذي وقعته حماس؟
إن ائتلاف جميع حكومات الغرب اليهودي المسيحي يحاول علناً، لا سمح الله، استئصال غزة الصغيرة مع سكانها الفلسطينيين الشجعان، من على الوجود، لسبب وحيد هو أن كل هذه القوى المهيمنة تسعى لحرمان هذا الشعب البطل، والمقدام، من حق الدفاع عن أرضه ضد الاحتلال التعسفي.
هذا بالإضافة إلى التجاهل الواضح للاتفاقيات والقواعد والمعايير الدولية، التي تعتبر اليوم عملا تمييزيًا، مثل الفصل العنصري بالأمس، لا يشكل تنبيها أو يقود لأي تردد، مما يدل بشكل قاطع على عدم قدرة هؤلاء على القيادة، وهو ما تنبهت له أوروبا، فلو كانت لديهم القدرة على القيادة، لما تجرأت على مواجهتهم بمكافأة “مندريش”.
ما الذي يمنعنا من استنتاح أن هدف أوروبا غير المعلن، هو إعادة استعمار، هذه المنطقة الشاسعة، ذات الكثافة السكانية المنخفضة والخيرات الكثيرة، والتي (تعود أول قوة مركزية لها، إلى استعمارها من قبل فرنسا)، إضافة إلى أنها بدون سيد، وإعادة استعمارها، تكون أولاً، بالمهاجرين الذين طردوا من الديار الأوربية، وربما مستقبلا من قبل العديد من الصهاينة الفارين من فلسطين التي لن تكون أرض ميعاد لأوهامهم.
في الواقع، لقد تركت فرنسا (!؟)، القبائل العربية، والزنجية التي لا تزال تشترك في الإسلام كدين لله الحمد، (والتي ترغب أوروبا ربما من وراء هذا الاتفاق في تلويثها، عبر توطين مهاجرين غير مسلمين)، لتعود هذه البلاد إلى عاداتها القديمة المتمثلة في عدم الثقة، والمشاجرات، والصراعات، من أجل النفوذ، كل ذلك يمكن أن يحدث لا قدر الله، دون أن نمنح أنفسنا أبدًا الوقت للجلوس معًا والعثور على الدولة، وأنماط تنظيمها التي تناسبنا بشكل أفضل.
الشكوك والتحديات لا تضع القبائل أمام احتمال مواجهة بينية فحسب، بل أيضًا قد تقودها إلى مواجهات ضد بعضها البعض.
إن البلد الذي أضعفه داخلياً هذا الوضع المستمر منذ أكثر من عشرة عقود، يقترب من الانهيار بسبب الأخطاء المشتركة لجميع قادته المتعاقبين الذين تميزوا دائماً بحماية مصالحهم الشخصية والعشائرية، مع استثناء واحد أو اثنين، بدلاً من المصالح المشتركة للوطن وسكانه.
كل هذه الفراغات جعلت من البلاد فريسة سهلة للغاية، تثير كل الشهوات، لكنها تظل أرض الترحيب والضيافة الكريمة لجميع مواطنيها من إفريقيا، أو العالم، الذين يأتون إليها.
إن إنكار الحكومة لن يغير من واقع المخاطر التي لا يمكن تصورها، والتي تتعرض لها البلاد وجميع سكانها الأصليين.
وفي مواجهة سلوك الرأي الوطني المثقل بجرائم، وجنح عدم الإدانة، والصمت المذنب، بسبب حب الكسب، ولامبالاة السكان، الذين أضعفتهم، ومزقتهم، انقساماتهم المتعددة، والتي تفاقمت، بسبب الظلم العام، والجوع، والعطش، والمرض، والجهل، والظلام، الذي لم يعد يستثني حتى النخب والحكام، ألا يحق لنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال الأخير:
إلى أين نسير؟
لقد عقدت النساء والشباب في حزبكم مؤتمريهما منذ فترة.
لقد حضرتم اختتام هذه النشاطات. ما هو الشعور الذي حصلت عليه منه؟ ومتى المؤتمر الوطني للحزب؟
عندما يكون التحالف الشعبي التقدمي جاهزا لعقد مؤتمره.
ولا يحدد بالضرورة عدد مؤتمرات الأحزاب مدى فاعليتها واحتلالها لأهميتها وطنيا، حتى لو استطاع بعض المجادلين أن يربطها بغياب الديمقراطية، كما هو الحال في اختيار قادتها.
ولذلك أقول إن المؤتمرات التي عقدت كانت أسهل في التنظيم من المؤتمر العام للحزب.
وأخيرا، وعلى الرغم من كل هذه التأخيرات، لم يكن لدي شعور بالتحدي من قبل القاعدة العريضة للحزب.
لماذا ستقول لي. ؟
لأنه منذ مجيء الرئيس الراحل، سيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله وحتى اليوم لم أكن مهتمًا إلا بـالجمهورية الإسلامية الموريتانية، وكيفية المساهمة في ضمان الوحدة والاستقرار والسلم الأهلي.
نادرا ما تمت مناقشة قضايا الحزب.
إذا طُلب منك اختيار الإنجاز الرئيسي لولاية الرئيس غزواني البالغة خمس سنوات، أي إنجاز ستختار؟
إذا أعطيتني اثنين، فسأختار بالتأكيد واحدًا مع التعليق.
لقد علمنا للتو باستقالة الأمين العام لـحزب التحالف الشعبي مع نحو خمسين ناشطاً آخرين.
ماذا لديك لتقوله حول هذا الموضوع؟
بخصوص المذكور الأول فتعليقي هو: الحمد لله! ثم الخلاص الجيد، ولا ندم!
أما بالنسبة للموقعين الآخرين، ورغم أن القائمة افتراضية، أكثر منها حقيقية، إلا أنني أشعر بالأسف لرحيلهم وأقدم لهم خالص اعتذاري؛ أطلب الصفح عن كل شيء لم أتمكن من تحقيقه، بما يلبي توقعاتهم.
ومع ذلك، فإن ضميري مرتاح لأنني أخدم التحالف الشعبي التقدمي. بأفضل ما أستطيع، وأنني لم أمارس التمييز ضد أي شخص، غير أبنائي، وأقاربي، رغم قناعتي بولائهم بنسبة 100%.