عاشت موريتانيا منذ 1978 تحت وطأة انقلابات عسكرية، لأسباب مختلفة وظروف غامضة تتقاطع مع مصالح قوى محلية وخارجية.
لكن اللاعبين الأساسيين من المدنيين الذين كانو سندا لتلك الانقلابات حولوها لانقلابات مدنية، في ثوب غير ديمقراطي ولايخضع لمنطق أو دستور يتبادلون خلاله الأدوار، ويتشكلون في جبهة للمعارضة أو كتيبة من الأغلبية، وأحيانا مجموعات تسمى غالبا بمكان اجتماعاتها السرية(مجموعة تنويش) (مجموعة فيراج الديك ) (وسانتر أمتير )وغيرها من منسقيات الإنقلابات المدنية، وكأنها تقلد نفس النهج الذي كان يعتمده العسكريون قبل 91، لكنها كانت كلها تدبر بعد انتهاء المأموريات الدستورية على الأقل أو تحت وقع أزمة سياسية خانقة لامفر من محاصرتها قبل أن تتسرب للقواعد الشعبية ويفقدون السيطرة عليها.
نذكر من سياقات تلك الانقلابات ما حدث في حقبة المرحوم اعل ولد محمد فال وسناريو البطاقة البيضاء، وتشكيل الكتيبة البرلمانية إبان حكم المرحوم سيد ولد الشيخ عبد الله، مستفيدين من إقالة بعض الضباط آنذاك، ليعيدو المحاولة مرة أخرى مع نظام محمد ول عبد العزيز، عندما طالبوه بمأمورية ثالثة ليتفاجأ الرأي العام الوطني وكل المراقبين بمطالبتهم هذه المرة بعدم ترشح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية دستورية ثانية مستحقة، تضمنها له كافة الظروف وأسوأ الاحتمالات.
ترى ماهي المستجدات السياسية التي جعلتهم يقدمون على هكذا تصرف؟، هل قيموا أداء الرجل في مأموريته الأولى هل قدمو احتجاجات طوال الخمس سنوات؟، هل نظموا مسيرات أو مؤتمرات؟، بل وحتى بيانات تنتقد أداء النظام طيلة المأمورية الأولى؟، هل عبروا عن مايهدد الأمن والسلم او الحوزة الترابية؟، هل برهنوا على صفقات مشبوهة، أو تدخل شخصي لدى رئيس الجمهورية في تسيير قطاع معين.
هل أكدو وجود أزمة سياسية خانقة تستدعي تعليق الدستور ليمددوا سنة أو اثنتين لرئيس منتخب ديمقراطيا.. من أعطاهم ذلك الحق ياترى؟ هل امتلكوا الجمهورية دون علمنا ليفاوضوا عليها خارج القانون؟، أم أنهم يظنون أن هذا نهرهم الذي قطعوه مرارا ذهابا وايابا تارة بثوب المعارضة وطورا بالملفات الحقوقية ليتقلبوا في المناصب التنفيذية والريادية في هذا الوطن.
لا ياسادة، يامن لاتحترمون شعبا ولادستورا ولا منطقا، هذه المرة أمامكم محيط امواجه لاقبل لكم بها، ونهجه عصي على ماتعلمتم من تهج للأحداث، بدليل أنكم قدمتم عقود نضالكم المزيف قربانا له، مقابل فُتات مصالح شخصية ضيقة، كشفتكم كلكم على حقيقتكم، وعلى رؤوس الأشهاد، فأصبحتم لاتزِنون جناح باعوضة لديه ولاعندنا بالطبع.
فبأي صفة تحاولون مقايضة من دفع أثمانكم الزهيدة، بل بأي قناع تخاطبون من كنتم تدجنونهم بالأمس بأنهم شعبيتكم، فلاهم بمصرخيكم ولا أنتم بمصرخيهم، ولاحق لكم إلا ماكسبتم من عطايا وهبات وامتيازات، كمكافأة نهاية خدمة سيئة لم تفرج عن مكروب ولاساهمت في بناء وطن.