شكل إعلان الرئيس السنغالي ماكي صال يوم السبت الماضي، تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في 25 من فبراير الجاري، إلى ديسمبر المقبل، بداية حراك سياسي وشعبي مناهض لنظام ماكي صال، ورافض لقراره بشأن الانتخابات.
ورغم أن قرار ماكي صال جاء بعد موافقة مكتب الجمعية الوطنية السنغالية صباح السبت على مقترح قانون تقدم به نواب الحزب الديموقراطي السنغالي المعروف بحزب “واد” لتأجيل الانتخابات الرئاسية لعام 2024؛ إلا أن ذلك لم يكن كافيا للإقدام على خطوة كهذه، وفق ماترى المعارضة.
وبدأت خيوط الأزمة السياسية التي يعيشها السنغال في التشكل، بعد رفض ملف المعارض كريم واد نجل الرئيس السابق عبد الله واد، لأسباب تتعلق بازدواجية الجنسية، حيث اتهم المعارض السنغالي المقيم في المنفى قاضيين بالمجلس الدستوري بتلقي الرشوة، مطالبا بتأجيل الانتخابات، فيما قدم نواب حزبه مقترحا في البرلمان لتشكيل لجنة تحقيق في شروط المصادقة على الترشيحات، وقد حظي ذلك بموافقة 120 برلمانيا، رغم أن نواب الحزب لا يتجاوزون 24 نائبا.
وتأتي خطوة ماكي صال الأولى من نوعها منذ ستة عقود، في ظل نزوع إقليمي إلى الانقلابات العسكرية وبعد سيطرة أنظمة عسكرية على نظام الحكم في عدة دول بالمنطقة، كما تأتي في سياق صراع محتدم بين الحليف السنغالي الأول فرنسا والتي خرجت بخفي حنين من النيجر ومالي، وروسيا التي دخلت على حلبة الصراع في المنطقة من بوابة رعاية مجموعة G3 الجديدة.
الحكومة السنغالية وفي خطوة استباقية وصفتها منظمات حقوقية بالتعدي على حقوق الإنسان، باشرت يوم الإثنين الماضي وبعد أكثر من 24 ساعة من إعلان تأجيل الانتخابات، وبالتزامن مع تنظيم زعماء المعارضة وأنصارهم احتجاجات في عدة مدن سنغالية؛ قطع خدمات الإنترنت عن الهاتف المحمولة، وهي خطوة ترى المعارضة، أن الحكومة أصبحت تلجأ إليها كلما ارتفعت أصوات الشارع ضد قراراتها.
وبررت وزارة الاتصالات السنغالية في بيان صادر عنها، قطع الإنترنت، بسبب نشر العديد من رسائل الكراهية والتخريب التي يتم تناقلها على شبكات التواصل الاجتماعي في سياق التهديدات والإخلال بالنظام العام.
التمديد لماكي صال حتى ديسمبر المقبل، ترى المعارضة أنه هو الهدف الحقيقي من تأخير الانتخابات قبل ساعات من افتتاح حملتها، واستبعاد المجلس الدستوري قبل ذلك لمرشحين معارضين من أمثال عثمان سونغو وكريم واد، وكذا الاستمرار في سجن بعض المرشحين من الذين قبل المجلس الدستوري ملفات ترشحهم.
وفي أول رد خارجي على تأجيل ماكي صال للانتخابات، عبرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) مساء السبت عن “قلقها” من تأجيل الانتخابات الرئاسية في السنغال، الدولة العضو فيها.
ودعت الإيكواس في بيان صادر عنها السبت، الطبقة السياسية في السنغال إلى الحوار.
من جهتها، قالت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في دكار، إن دولة السنغال لها تاريخ طويل مع الديمقراطية.
وتابعت السفارة في بيان صادر عنها مساء السبت “نحن نحترم البدء في التحقيق حول خروقات في المسار الانتخابي”.
وفي آخر تطور للأوضاع في السنغال، ألقت قوات الدفاع والأمن السنغالية مساء الثلاثاء/ ليل الأربعاء، القبض على النواب عباس فال، وغي ماريوس سانيا، والشيخ عليون بيي، والنقيب السابق لقوات الدرك سيدنا عمر توري.
الخبير في الشأن الإفريقي الصحفي محفوظ ولد السالك، اعتبر في زاويته التحليلية التي يكتب على وكالة مدار، أن كريم واد هو من فجر الأزمة باتهامه لقاضيين بتلقي الرشوة، وبعد اصطفاف 120 نائبا مع مقترحات حزبه.
وقال ولد السالك، إن هذا “الحراك البرلماني يبعث برسالة ضد مرشح ماكي سال لخلافته في السلطة أمادو با، مفادها أنه ليس توافقيا، وأن عددا من الفاعلين السياسيين الموالين للنظام سواء على مستوى الحزب الحاكم، أو ائتلاف الموالاة بشكل عام، ينشطون ضده، وبالتالي كانت هذه اللحظة المناسبة لبعث الرسالة”.
وأضاف ولد السالك، أن ماكي صال لجأ إلى خيار تأجيل الانتخابات “كي يجد فرصة لاستجماع قواه بشكل أفضل، والتفكير في آلية جديدة، تجعل الطريق معبدا أمام خليفته في السلطة”.
ولم يستبعد الخبير بالشأن الإفريقي محفوظ ولد السالك، أن يلجأ ماكي سال إلى تغيير المترشح أمادو با، أو تقديم أكثر من مترشح، وفتح الباب أمام مترشحين آخرين، بعدما تم رفض العشرات منهم من قبل المجلس الدستوري.