شكلت دولة جيبوتي المحطة الأخيرة اليوم من جولة قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باحميدتي، والتي تعد أول جولة خارجية له، منذ اندلاع الحرب بين قواته والجيش السوداني منتصف ابريل 2023.
وتأخذ محطة جيبوتي رمزيتها لكون البلاد تقود جهودا إقليمية ترمي إلى التوصل لوقف إطلاق النار بين الطرفين السودانيين المتصارعين على السلطة، وتسبب صراعهما في مقتل 12 ألف شخص على الأقل بين مدني وعسكري، فضلا عن خسائر باهظة اقتصاديا وتنمويا وإنسانيا.
وقبل جيبوتي زار دقلو دولتي إثيوبيا وأوغندا، وذلك في وقت تضاعف فيه الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا “إيغاد” جهودها من أجل عقد لقاء مباشر بينه وقائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، من أجل التفاوض، وإيجاد حل للحرب المدمرة.
وقبل جولة دقلو، زار عبد الفتاح البرهان عدة دول بشرق القارة وبلدانا أخرى عربية، قصد البحث عن حلول للحرب التي تسببت في نزوح أكثر من 7 ملايين شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، فضلا عن مئات آلاف اللاجئين نحو دول جنوب السودان، وتشاد، ومصر، وأثيوبيا بشكل خاص.
وقبل جولات الفريقين، التي لا شك أن كل طرف يحاول من خلالها تحسين صورته الخارجية، وتحميل الطرف الآخر مسؤولية ما يجري بالسودان، في وقت كانت البلاد تتطلع إلى مرحلة حكم مدني جديد، بعد إطاحة الجيش بنظام عمر حسن البشير، برزت عدة محاولات للوساطة.
فعلى الصعيد الدولي، كانت هناك وساطة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، وقد أتاحت عدة لقاءات بين ممثلين عن الجيش والدعم السريع في جدة، لكن لم يفض ذلك إلى حلول ملموسة، بل إن أقصى ما تم التوصل إليه هو هدن لوقف إطلاق النار، وكثيرا ما تم خرقها، وتبادل الطرفان المسؤولية بخصوص ذلك.
وعلى الصعيد الإقليمي تحركت منظمة إيغاد، وعقدت عدة قمم واجتماعات حول الوضع في السودان، لكن الطرفين لم ينصاعا بعد لمقترحاتها، وهي الآن تسابق الزمن لاستضافة جيبوتي التي تتولى رئاستها الدورية اجتماعا حاسما بين الجنرالين المتنازعين على الحكم.
وكان من المقرر عقد اجتماع بين طرفي النزاع برعاية “إيغاد” الخميس الماضي، لكنه أرجئ إلى مطلع يناير لأسباب قالت جيبوتي إنها فنية.
واستضافت مصر كذلك، التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب، يوليو الماضي اجتماعا لدول جوار السودان، ركز على الاقتتال الدائر في عدة ولايات سودانية بعضها حدودية مع بعض هذه البلدان.
وبعد أقل من شهر على هذا الاجتماع استضافت نجامينا اجتماعا على مستوى وزراء خارجية دول جوار السودان، دعا لوقف إطلاق نار نهائي، وتنظيم حوار شامل بين الأطراف.
ورغم ذلك، ظلت الجهود قاصرة عن إسكات البنادق في السودان، بل إن خارطة انتشار العنف توسعت لتشمل مؤخرا ولاية ود مدني بوسط البلاد، والتي كانت تستضيف مئات آلاف النازحين من الخرطوم وبعض المدن الأخرى، لبعدها آنذاك عن مناطق الحرب.
والآن في ظل دخول الحرب السودانية شهرها التاسع تتكثف المحاولات الإقليمية لوضع حد للاقتتال، في ظل توتر في العلاقات الدبلوماسية بين الخرطوم ونجامينا، حيث تتهم الأولى الثانية بدعم قوات الدعم السريع، وفتحها مطاراتها “لنقل دعم إماراتي بالسلاح والذخيرة” لصالح قوات حمديتي، وهو ما نفته تشاد بشدة.
وتتشابه أزمة السودان مع أزمة جارتها أثيوبيا، التي دام الاقتتال فيها بين القوات المركزية وقوات جبهة تحرير تيغراي عامين، وانتهى بتوقيع اتفاق للسلام في بريتوريا بجنوب إفريقيا.
ويعطي هذا التشابه في الأزمتين الأمل في أن تكون نهايتهما متشابهة كذلك، فهل يكون اجتماع جيبوتي المرتقب هو مفتاح حل الأزمة في السودان؟ أم أنها تظل عصية على كل مبادرات الحل؟