spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

السعودية تلتحق بركب التنافس الدولي على إفريقيا

عكس عقد السعودية قبل أيام أول قمة لها مع إفريقيا، تطلع المملكة إلى دخول حلبة التنافس على القارة الإفريقية، ومساعيها لتوسيع نشاطها الاقتصادي والتجاري بالقارة السمراء في أفق رؤية 2030، وهي خطة لتنويع مصادر دخل المملكة العربية السعودية، وتقليص اعتمادها على النفط.

وقد عبر الطرفان السعودي والإفريقي في “إعلان الرياض” المتوج لختام أعمال القمة، عن تطلعهما إلى وصول حجم الاستثمارات السعودية في القارة الإفريقية أكثر من 25 مليار دولار أمريكي في 2030.
ويمكن للسعودية برؤيتها التي تحمل حزمة من المشاريع الاستثمارية الواسعة، وإفريقيا بمنطقتها التجارية الحرة القارية الواعدة، أن تبلورا شراكات ناجعة يستفيد منها الطرفان معا.

ولعل إعلان الصندوق السعودي للتنمية أنه سيمول مشاريع تنموية في إفريقيا بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي، مع سعي الرياض إلى تمويل وتأمين صادرات إلى إفريقيا بما يعادل 10 مليارات دولار أمريكي في أفق السنوات السبع المقبلة، يؤشر على التوجه نحو تعزيز البلاد النفطية حضورها بقارة المستقبل.

وتشير أرقام رسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية وإفريقيا بلغ خلال عام 2023 الجاري، حوالي 74.7 مليار ريال سعودي، بينها نحو 53 مليار ريال من الصادرات، وقد شملت منتجات معدنية، وأسمدة، ومنتجات كيماوية عضوية، وأخرى غير عضوية.

وبالمقابل بلغ حجم واردات المملكة من إفريقيا 21.7 مليار ريال سعودي، وشمل ذلك منتجات معدنية، إضافة إلى النحاس ومصنوعاته، فضلا عن الفواكه، والرؤوس الحيوانية، وغيرها.
وتوجد لدى السعودية 47 شركة تعمل بإفريقيا في مجالات الطاقة المتجددة، والغذاء، وخدمات الأعمال، والخدمات المالية، والمنتجات الاستهلاكية، وقد بلغ إجمالي استثمارات الرياض بإفريقيا خلال العقد الأخير 49.5 مليار ريال سعودي.

وكان إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا قد وصل 83 مليار دولار عام 2022، وهو ضعف الحجم الذي كان عليه قبل سنتين، وتعول القارة على منطقتها التجارية من أجل خلق حجم ناتج محلي إجمالي بنحو 3.3 تريليون دولار.

وهكذا فإنه يمكن للسعودية أن تستفيد من إفريقيا في عديد المجالات، بينها المعادن التي تدخل في صناعة السيارات، ذلك أن مستقبل المركبات الكهربائية في العالم سيعتمد مستقبلا بشكل كبير على القارة، بالنظر إلى مواردها الكبيرة في المعادن النادرة، وخاصة أيون الليثيوم، والكوبالت، والنيكل، والنحاس.

وبما أن السعودية تعول كثيرا على رؤيتها الخاصة ب2030، من أجل إحداث تحول واسع على مختلف الأصعدة، فإن حجم سوق السيارات الكهربائية العالمية، من المتوقع أن يصل إلى 7 تريليونات دولار بحلول عام 2030، و46 تريليون دولار في أفق 2050، ما يجعل الفرصة أمامها كبيرة في هذا المجال عبر بناء شراكات أكبر مع إفريقيا.
فضلا عن ذلك، فإن إفريقيا ستمثل عام 2030 نسبة 42% من الشباب العالمي، ما يجعلها القارة الأنسب عالميا للابتكار وريادة الأعمال، وهذا مجال استثماري آخر مهم.

وتمتلك إفريقيا كذلك نسبة 65% من الأراضي الصالحة للزراعة، ما يعني أنها وجهة خصبة للاستثمار، إذ أنه من خلال تطوير الزراعة في القارة، يمكن أن يتحدد مستقبل الأغذية في العالم.

ورغم أن البنك الإفريقي للتنمية، يتحدث عن استثمار 25 مليار دولار في الزراعة بجميع أنحاء القارة، من أجل تحويل القطاع الزراعي، فإن الأخير يحتاج لاستثمارات أكبر، بما يسمح بتأمين غذاء الأفارقة، والإسهام في تأمين جزء من الغذاء العالمي.

إن المقدرات الهائلة التي تتوفر عليها إفريقيا في مجالات الغاز والبترول، واليورانيوم والذهب، والماس والبلاتين، والكوبالت والحديد، وغيرها من المعادن الهامة عالميا، أسهمت في تزايد الإقبال الدولي على القارة، وجعلتها تحتل أهمية استراتيجية كبيرة.

ويبدو أن السعودية انتبهت لهذه المكانة الدولية لإفريقيا، وكون مستقبل العالم مرتبط في جانب منه بها، لذلك سعت إلى تعزيز العلاقات معها اقتصاديا وتجاريا، واستثماريا كذلك.

spot_img