استيقظ سكان مدينة باماكو عاصمة جمهورية مالي فجر الجمعة على دوي انفجارات ضخمة، وإطلاق نار كثيف في محيط قاعدة كاتي العسكرية التي تقع في ضاحية المدينة على بعد 15 كلم من قلب العاصمة.
تصاعد إطلاق النار في القاعدة أعاد إلى أذهان سكان المدينة الإفريقية التي تستيقظ باكرا كما هو حال جل مدن القارة في أيام الدوام، هاجس الإنقلابات في البلاد، التي كانت القاعدة مصدرا لها منذ العام 2012، فتداول رواد شبكات التواصل الاجتماعي الحادث باعتباره انقلابا عسكريا ضد رجل مالي القوي عاصمي غويتا.
مصادر مراسل مدار في العاصمة باماكو أكدت أن القيادة العسكرية، عمدت بعد اللحظات الأولى للهجوم إلى نقل رئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع وبعض الشخصيات النافذة في المجلس العسكري من القاعدة إلى مكان آمن في قلب العاصمة باماكو.
لم يتأخر توضيح الجيش بعد تردد الشائعات، وجاء بشكل مقتضب على صفحاته الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي الاجتماعي مطمئنا سكان العاصمة، وداعيا إلى الهدوء، مؤكدا تصدي قواته لهجوم إرهابي، وقيامها بعملية تمشيط وملاحقة للإرهابيين دون كشف المزيد من المعلومات.
عاد الهدوء إلى اغلب أحياء العاصمة، بعد التوضيح، رغم تردد بعض الشائعات وحديثها عن الإنقلاب.
مديرية الإعلام والعلاقات العامة بالقوات المسلحة المالية عادت بعد منتصف النهار، ببيان مفصل عن الهجوم الذي يعد أبرز تحد أمني واجه نظام غويتا ممذ تسلمه مقالد الحكم في البلد، قائلة إن عناصر من الجيش تمكنوا في حدود الساعة الخامسة فجرا من صد هجوم انتحاري استهدف قاعدة كاتي العسكرية.
وحسب بيان الجيش فإن الهجوم المنفذ من قبل مسلحي كتيبة ماسينا تم باستخدام شاحنتين، مفخختين، ضد منشأة للأعتاد وإدارة المحروقات والنقل العسكري داخل القاعدة.
وراح ضحية الهجوم جندي مالي وستة جرحى آخرين بينهم مدني واحد، فيما تمكنت القوات المالية من تحييد سبعة مسلحين واعتقال ثمانية آخرين، كما صادرت كميات من الأسلحة الخفيفة كانت بحوزة المسلحين.
وبعد صد الهجوم بدأ الجيش في تطويق المنطقة وتمشيطها بحثا عن مسلحين محتملين كانوا ضمن المهاجمين حسب البيان.
وطمأنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة المالية سكان المنطقة بأن الوضع بات تحت السيطرة وأن قوات الدفاع والأمن تسعى لاستعادة الهدوء والسكينة وضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع.
كما طالبت في بيانها السكان بالحيطة والحذر، والتعاون مع عناصر الأمن للحفاظ على الأمن والمساعدة في الوقوف ضد خطر الجماعات المسلحة.
رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي عاصمي غويتا قرر هو الآخر الظهور للشعب المالي بعد لحظات من بيان الجيش، حيث حضر تخرج دفعة من الشرطة المالية، واستقبل مبعوث المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وهو ما اعتبر ردا مباشرا على المهاجمين، ورسالة للشعب المالي بأن الأمور تحت السيطرة.
هجوم قاعدة كاتي جاء بعد سلسلة هجمات انتحارية متزامنة الخميس استهدفت الجيش المالي راح ضحيتها ثلاثة جنود، وعدد من المهاجمين، في مناطق كورو، دوينزا وكولوكاني.
واستهدف مسلحون في منطقة دوينزا، وسط البلاد، مركز قيادة القوات المسلحة بسيارة مفخخة، ما أدى إلى مقتل جندي من الجيش المالي، وإصابة 13 بجروح، كما قتل ثلاثة مسلحين.
وشهدت منطقة كورو الواقعة شرق البلاد انفجارا بسيارة إسعاف مفخخة، استهدف موقعا للجيش داخل المدينة.
وتعرض معسكر للقوات الخاصة والدرك الوطني في منطقة كولوكاني، لهجوم متزامن من قبل عناصر مسلحة، جاءوا على متن 5 سيارات وعدد كبير من الدراجات نارية.
حيث تمكنت القوات الخاصة في المعسكر من صد الهجوم، الذي أدى إلى مقتل عنصرين من القوات الخاصة، وإصابة أحد عناصر الدرك بجروح، بحسب مصادر محلية. كما تم تحييد عدد من المهاجمين وأسر أحدهم.
تنديد بالهجمات..
مفوضية الاتحاد الإفريقي، دانت ما وصفته بالهجمات الإرهابية التي تكررت الخميس والجمعة في مالي.
جاء ذلك في تغريدة لرئيس المفوضية موسى فقي محمد، عبر فيها عن إدانته للهجمات التي شهدتها قاعدة كاتي.
وعبر فقي محمد عن تشجيعه لكل الجهود “المتخذة لاستعادة الأمن ونجاح المرحلة الانتقالية لما فيه مصلحة الشعب المالي”.
من جانبه دان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية المالي الهجمات التي تعرض لها الجيش، واصفا إياها بالحقيرة والهمجية.
وجدد الحزب ثقته في السلطات الانتقالية، والقوات المسلحة وقوات الأمن في مالي، مؤكدا تشجيعه لها في الحرب الصعبة للغاية ضد من وصفهم بقوى الشر.
كما دان حزب التجمع من أجل مالي الهجوم على قاعدة كاتي وأعرب عن تضامنه ودعمه الكامل لرئيس المرحلة الانتقالية والجيش.
ودعا الحزب سلطات المرحلة الانتقالية لتعزيز الترتيبات الأمنية في مواجهة تجدد الهجمات المعقدة.
الهجمات الجديدة في وسط البلاد، وقلب العاصمة، جاءت مفاجئة للمجلس العسكري الحاكم في مالي، وحملت رسائل خطيرة، بعد تمكن منفذيها من الوصول إلى مقر القاعدة العسكرية الأهم في البلاد والتي تعد مقرا لإقامة رئيس المجلس العسكري وأبرز رجال حكمه.