spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

ما دلالة المواقف الإفريقية إزاء العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة؟

تؤشر بعض التطورات التي تزامنت مع الحرب “الإسرائيلية” على قطاع غزة، أن دولًا إفريقية عديدة وبالتحديد جنوب الصحراء، لديها نوايا أو اتجاه واضح للانخراط بشكل أعمق في ملف الصراع الدائر في الشرق الأوسط بين الجيش “الإسرائيلي” وبين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك في أعقاب العمليات العسكرية التي نفذتها تلك الفصائل، في السابع من أكتوبر 2023م، تحت مسمى “طوفان الأقصى”، وما أعقبها من تطورات شملت تنفيذ غارات انتقامية مدمرة ينفذها الطيران الحربي “الإسرائيلي” ضد البنى التحتية لغزة، وضد الأهداف المدنية والعسكرية على حدٍ سواء.

ومن بين تلك المؤشرات، ما بدا وأنها سرعة استجابة ملحوظة تجسدت في صورة بيانات رئاسية أو طرح مبادرات وتعليقات دبلوماسية، هذا بالإضافة إلى موقف مفوضية الاتحاد الإفريقي وتفاعلها المباشر والسريع مع تلك الأزمة المتفاقمة، ومن خلال إصدار بيان أكثر وضوحًا بشأن سياسة تلك المنظمة إزاء الصراع؛ إذ رأت المفوضية أن السبب الرئيسي للتوتر والتصعيد الحالي هو “إنكار “إسرائيل” لإقامة دولة فلسطينية”.

هذا التوصيف يأتي على خلاف الرواية المزعومة التي تُروِّج لها “إسرائيل” ، كدولة احتلال، على الصعيد الدولي، وتحظى من زاوية محددة بنجاحات ؛ إذ أفلحت “تل أبيب” في توثيق صورة عنيفة للغاية للفصائل الفلسطينية وضخَّمَت فرضية “الإرهاب” إعلاميًا، ما دفع دول غربية عديدة ودول أخرى منها إفريقية، لغض الطرف عن الوضع الأصلي، وبدء الحديث عن حق “إسرائيل” المطلق في الدفاع عن نفسها، مدفوعة بمقاطع الفيديو التي التقطها الفلسطينيون أنفسهم، لعمليات الأسر ونقل “الإسرائيليين” إلى القطاع، والتي لم يخل بعضها من مشاهد العنف بطبيعة الحال.

في هذه الأثناء ظهرت جنوب إفريقيا (على سبيل المثال) على الساحة لتتحدث عن مبادرة لإحلال السلام أو على الأقل لوقف الحرب، ومن ثم يبدو وأن بريتوريا، التي طرحت من ذي قبل مبادرة لإنهاء النزاع الروسي-الأوكراني، في مايو 2023م، دون أن يُفهم ما هو مصيرها أو طبيعة مخرجاتها، تريد الانخراط بشكل أكبر في القضايا الإقليمية والدولية، بيد أن نجاح مثل هذه المبادرات محكوم بالنتائج على الأرض.

وفي غضون ذلك، لم تخل عدد من البيانات الرسمية الإفريقية من إدانات للفصائل الفلسطينية، حاملة لهجة تؤشر بما لا يدع مجالًا للشك على تأييد الموقف “الإسرائيلي” ، ربما إنطلاقًا من رؤية بعض الدول الإفريقية (جنوب الصحراء) بشأن بناء علاقات دبلوماسية واقتصادية مع “إسرائيل”، أو لوجود علاقات بالفعل تطال حتى الشق العسكري.

لذلك، يمكن القول إن مصالح متشعبة لدول إفريقية مع “إسرائيل”، ومبدأ المنفعة، قد يدفعان دولًا إفريقية جنوب الصحراء، لتبني مواقف داعمة لـ”إسرائيل” على حساب الملف الفلسطيني، بما في ذلك لو كانت رؤية الاتحاد الإفريقي مختلفة، وكذلك على الرغم من وضوح سياسات جنوب إفريقيا، على سبيل المثال، بشأن ضرورة إنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” وإقامة دولة فلسطينية أو حتى إعلان بعض المؤسسات الدينية في كيب تاون، منها الكنيسة الأنجليكانية، موقفها من “إسرائيل” كدولة “فصل عنصري”.

 

أولًا: دلالات لغة خطاب الاتحاد الإفريقي

في أعقاب التطورات التي شهدها يوم السابع من أكتوبر 2023م، والتي نجمت عن اقتحام فصائل فلسطينية للسياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة وبين “إسرائيل” ، ودخول هذه الفصائل إلى مستوطنات “غلاف غزة” والعودة بعشرات الأسرى “الإسرائيليين” على حدٍ سواء، ضمن عملية “طوفان الأقصى”، وما أعقب ذلك من بدء عملية أسمتها “إسرائيل” “السيوف الحديدية”، والتي ألحقت دمارًا واسع النطاق بالقطاع وقتلت وشردت عشرات الآلاف من المدنيين، أصدرت مفوضية الاتحاد الإفريقي بيانًا يحث على إنهاء الصراع بين “إسرائيل” والفصائل الفلسطينية في غزة، رأى أن إنكار “إسرائيل” لإقامة دولة فلسطينية هو السبب الرئيسي للتوتر. البيان الذي ألقاه رئيس مفوضية الاتحاد، موسى فكي محمد Moussa Faki Mahamat، أشار إلى ضرورة عودة “الإسرائيليين” والفلسطينيين إلى محادثات السلام، وذكر أن “حرمان الفلسطينيين من إقامة دولتهم هو السبب الرئيسي للتوتر”.

وقد صدر بيان رئيس المفوضية في السابع من أكتوبر، اليوم ذاته الذي شهد بدء التصعيد، بما يوحي وأن سياسة الاتحاد تميل إلى الانخراط في القضايا الإقليمية والدولية وعدم الوقوف بمعزل عن تطور من هذا النوع، ولا سيما وأن صلات وعلاقات واسعة ربطت دول بالاتحاد بـ”إسرائيل” من جانب وبالسلطة الفلسطينية في رام الله من جانب آخر. وورد أيضًا في البيان أنه “على المجتمع الدولي والقوى العالمية الكبرى على وجه الخصوص، تحمل مسؤولياتها لفرض السلام وضمان حقوق الشعبين”، مشيرًا إلى أن “إنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وبخاصة حقوق الدولة المستقلة ذات السيادة، هو السبب الرئيسي للتوتر “الإسرائيلي” الفلسطيني الدائم” ([1]).

بيان الاتحاد الإفريقي في المُجمل ألقى باللوم على “إسرائيل” بشأن التطورات الحاصلة في الوقت الراهن، داعيًا إلى إنهاء الصراع بين القوات “الإسرائيلية” والفصائل الفلسطينية، وضرورة العودة، دون شروط مسبقة، إلى طاولة المفاوضات؛ لتنفيذ مبدأ الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب.

وبوجه عام، فقد دعا الاتحاد الإفريقي إلى إنهاء الصراع “الإسرائيلي”-الفلسطيني الذي لا يزال يحصد آلاف الضحايا من الفلسطنيين، والعودة إلى طاولة المفاوضات لتنفيذ مبدأ دولتين، تعيشان جنبًا إلى جنب، وهو البيان الذي وقعته 55 دولة إفريقية. لكن على الرغم من ذلك، شجب زعماء دول إفريقية، منهم على سبيل المثال الرئيس الكيني وليام روتو William Ruto (كما سيرد لاحقًا) قيام المقاومة الفلسطينية باقتحام السياج الأمني، وذكر إن كينيا “تؤكد بقوة أنه لا شيء يبرر “الإرهاب” الذي يشكل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين” ، على حد زعمه ، بينما أعرب وزير خارجية توغو، روبرت دوسي Robert Dussey عن إدانة بلاده بشدة هجوم حماس الذي عَدَّه هجومًا “إرهابيًا” على المدنيين “الإسرائيليين”، بيد أنه أشار إلى ضرورة مؤازرة “إسرائيل” وحماس لتشجيعهما على مواصلة الحوار وحل الخلافات وإطلاق سراح الرهائن ([2]).

هنا يتعين التذكير بأن “إسرائيل” كانت أيضًا تحظى بصفة مراقب بالاتحاد الإفريقي، إلى أن حدث تطور لافت للأنظار، وقت أن طُردت المراقبة “الإسرائيلية”، الدبلوماسية شارون بار لي Sharon Bar-li، والوفد المرافق لها من قمة رؤساء دول الاتحاد الإفريقي، في دورته العادية السادسة والثلاثين، بين 18-19 فبراير 2023م، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وعلى هذه الخلفية اندلعت أزمة بين “إسرائيل” والاتحاد الإفريقي أدت إلى صدور بيانات حادة اللهجة من جانب الخارجية “الإسرائيلية” بالقدس المحتلة، وخصوصًا وأن المراقبة “الإسرائيلية” في ذلك الحين، كانت قد حصلت على الموافقات والتصريحات اللازمة للمشاركة في أعمال القمة، التي انشغلت بملف الأزمات الأمنية في القارة، لكنها وجدت أن قرارًا صدر بإخراج الوفد “الإسرائيلي” عقب طلبات قدمتها الجزائر وجنوب أفريقيا ([3]).

 

ثانيًا: جنوب إفريقيا، وساطة على المحك

رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا Cyril Ramaphosa، أبدى في يوم 12 أكتوبر 2023م، استعداد بلاده للوساطة في الصراع “الإسرائيلي”-الفلسطيني، بالنظر لخبرة بلاده في حل الصراعات. ودعا رامافوزا إلى فتح فوري وغير مشروط لممرات إنسانية في الشرق الأوسط؛ لكي يتسنى دخول المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها، إثر استمرار الضربات الجوية “الإسرائيلية” على قطاع غزة. وأصدرت مؤسسة الرئاسة بيانًا جاء فيه: “نظل في حالة قلق عميق جراء التصعيد المدمر الذي يشهده الصراع “الإسرائيلي” الفلسطيني، والفظائع التي تُرتكب بحق المدنيين، وندعو لوقف فوري للعنف وممارسة ضبط النفس”. وورد في هذا البيان أيضًا إن جنوب إفريقيا “مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي ومشاركة خبرتها في الوساطة وحل الصراعات كما فعلنا من قبل في القارة وحول العالم”([4]).

لكن هنا تجدر الإشارة إلى أن طرح فكرة الوساطة من جانب بلد إفريقي، ولا سيما جنوب إفريقيا، بشأن صراعات كبرى وقضايا شائكة، يصعُب بمكان العثور على حل لها بين يوم وليلة، لم تكن الأولى، أي أنها في الغالب لم تشكل مفاجئة بالنسبة لمراقبي الشأن الإفريقي، فقد طرح الرئيس رامافوزا في مايو 2023م مبادرة، بالشراكة مع 6 زعماء أفارقة، هدفت إلى المساعدة في حل للنزاع بين روسيا وأوكرانيا، وأكد في ذلك الحين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وافقا على استقبال البعثة ورؤساء الدول الإفريقية في كل من موسكو وكييف. وعقب هذا التأكيد لم تتوقف التقارير الإعلامية عن الحديث عن تلك المبادرة التي صاغتها كما تردد كل من: زامبيا والسنغال وجمهورية الكونغو وأوغندا ومصر وجنوب إفريقيا، واطلع عليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش Antonio Guterres، ورحب بها كذلك مفوضية الاتحاد الإفريقي التي ثمَّنتها([5]). وهنا ينبغي الوقوف على النقاط المختصرة التالية بشأن المبادرة الإفريقية الأولى إزاء الحرب الروسية-الأوكرانية ([6])، إذ ستفيد في التنبؤ بمصير مبادرة الخاصة بالصراع في الشرق الأوسط استنادًا على أسلوب التناظر والاسقاط بالقرينة، أحد أساليب الدراسات الاستشرافية:

 

1- لم يحدد الرئيس رامافوزا جدولًا زمنيًا أو تفاصيل أخرى بشأن طبيعة المبادرة لحل الأزمة الروسية-الأوكرانية.

2- استخدم رئيس جنوب إفريقيا خلال طرح الفكرة جملة محددة توضح الهدف من المبادرة وهي أن النزاع الروسي-الأوكراني مدمر وتعاني منه قارة إفريقيا كثيرًا.

3- ارتبط الإعلان بتسريبات سبقته بأن بريتوريا تتعرض لضغوط كبيرة للانحياز إلى أحد طرفي النزاع من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، أي للطرف الأوكراني.

4- جاءت المبادرة بعد اتهامات وجهتها واشنطن بأن بريتوريا زوَّدت القوات الروسية بأسلحة، وقالت إن انخراطها في دعم روسيا يعني نهاية حيادها المعلن.

5- طُرحت المبادرة بعد تضرر الدول الإفريقية بشدة جراء ارتفاع أسعار الحبوب وتأثير النزاع على التجارة العالمية.

6-ل قيت المبادرة الإفريقية دعماً حذرًا من واشنطن وعدد من العواصم الأوروبية.

7- لم تنته الحرب الروسية-الأوكرانية حتى كتابة هذه السطور، ما يعني ضعف الورقة التي تقدمت بها جنوب إفريقيا وعدم فاعليتها.

 

ثالثُا: الدبلوماسية الإفريقية على خط الأزمة

وفي نفس الإطار، تحاول الدبلوماسية الإفريقية العثور على موطئ قدم في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، وظهرت مجموعة واسعة من ردود الفعل من الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، بدت وكأن ثمة رغبة في عدم تجاوز الخط الفاصل بين المبادئ الراسخة والتقليدية إزاء الصراع في الشرق الأوسط، وبين النفعية الدبلوماسية، وإبداء نوع من التعاطف مع الضحايا المدنيين.

وفي أعقاب نجاح الآلة الإعلامية “الإسرائيلية” في توظيف مقاطع الفيديو التي أظهرت نقل الأسرى “الإسرائيليين” من مستوطنات غلاف غزة، وانطلاق دبلوماسيين وشخصيات عامة “إسرائيلية” لديها شهرة على الساحة الإعلامية الدولية، ومن بينهم تسيبي ليفني Tzipi Livni، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، كان من الطبيعي ظهور مواقف إفريقية متباينة، يصفها مراقبون بأنها منحازة أكثر تجاه “إسرائيل” مع أن بعضها كان واضحًا ومؤيدًا لحقوق الفلسطينيين مثلما سيرد في النماذج التالية ([7]).

1-كينيا: أصدرت كينيا بيانات رسمية قوية داعمة للرواية “الإسرائيلية” وللحكومة في “تل أبيب”، ودعا الرئيس الكيني ويليام روتو William Ruto، الذي يُنظر إليه على أنه حليف رئيسي للغرب، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ضد من أسماهم “مرتكبي ومنظمي وممولي ورعاة ومؤيدي الأعمال “الإرهابية” الإجرامية”، على حد وصفه. لكن بعض المصادر الإعلامية أشارت إلى أن لهجة خطاب الرئيس روتو لم تجد استحسان قطاعات من الجمهور الكيني، الذي أعربت قطاعات منه دعمها لفلسطين، ومن ثم كان من الطبيعي أن تتطرق الدبلوماسية الكينية بعدها إلى القاعدة التقليدية التي تنص على أن “نيروبي تدعم وقف إطلاق النار”.

2-غانا: وزارة الخارجية في أكرا أصدرت بيانًا أدان بشكل لا لبس فيه هجمات المقاومة الفلسطينية، ودعت خارجية غانا حركة “حماس” التي تعد صاحبة السيادة على قطاع غزة، إلى سحب مقاتليها من “إسرائيل”.

3-رواندا: حاولت إحداث توازن في لغة الخطاب المستخدمة إزاء تطورات الصراع، إلا أن كيجالي أصدرت بيانًا أدانت فيه “الهجمات” الفلسطينية، وقالت إن “الوضع الحالي مُقلق ويحتاج إلى تهدئة عاجلة”.

4-جنوب إفريقيا: كما ورد آنفًا، عرضت الوساطة بشأن وقف إطلاق النار، لكنها شجبت تصاعد العنف، وذكرت أن الصراع نشأ بسبب الاحتلال “الإسرائيلي” غير القانوني المستمر للأراضي الفلسطينية، واستمرار التوسع الاستيطاني، وتدنيس المسجد الأقصى والأماكن المقدسة المسيحية، والقمع المستمر للشعب الفلسطيني”.

5-نيجيريا وتنزانيا: هناك عدة دول إفريقية أخرى، مثل: نيجيريا وتنزانيا، كانت أكثر حذرًا في تصريحاتها بشأن موجة التصعيد العنيفة الدائرة بين الجانبين “الإسرائيليط والفلسطيني، حيث دعت هذه الدول إلى إنهاء الأعمال العدائية، وأعربت عن دعمها للحوار المشترك بين الطرفين. كما طرح الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني Yoweri Museveni على سبيل المثال، إلى تطبيق حل الدولتين، شاجبًا استهداف المدنيين([8]).

6-أوغندا: ذكر بيان صادر عن مكتب الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني Yoweri Museveni: “إن اندلاع العنف المتجدد في “إسرائيل” وفلسطين أمر مؤسف، لماذا لا ينفذ الجانبان حل الدولتين؟ وما يجب إدانته، على وجه الخصوص، هو ممارسة استهداف المدنيين من قبل المتحاربين”([9]).

7-غينيا بيساو: دعا الرئيس عمرو سيسوكو إمبالو Umaro Sissoco Embalo إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، معربًا عن أسفه لتصاعد العنف والخسائر في الأرواح البشرية. وأضاف إمبالو أن “غينيا بيساو، باعتبارها دولة سلام وتتفهم الحرب، تأسف بشدة لهذا الوضع في قطاع غزة”. وأضاف: “للأسف، كان هناك قصف من جانب حماس، ولكن مع ذلك، ندعو الجانبين إلى التراجع لأن هناك الكثير من الخسائر البشرية” ([10]).

 

المصدر: مجلة قراءات إفريقية

الخاتمة:

تباينت ردود الفعل الإفريقية الرسمية إزاء الأزمة المتفاقمة في الوقت الراهن في الشرق الأوسط، وبدا أن ثمة حالة من عدم الإجماع الإفريقي بشأن تلك الأزمة، لو وضع بالاعتبار موقف كل دولة بشكل منفصل، فيما جاء البيان الصادر عن المنظمة الأشمل، أي الاتحاد الإفريقي، واضحًا ومطالبًا بضرورة إنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” وإقامة دولة فلسطينية:

أولا: وقَّعت جميع الدول الإفريقية البالغ عددها 55 دولة، على البيان الصادر عن مفوضية الاتحاد الإفريقي والذي دعا لتطبيق حل الدولتين وعدَّه أساسًا للمشكلة، لكن بالنظر إلى مواقف عدد من البلدان الإفريقية بشكل منفصل، سيتضح أن بعضها انحاز إلى طرف من طرفي الصراع، ما يدل على محاولات لموائمة لغة الخطاب بشأن هذه التطورات حفاظًا على المصالح الخاصة أو للتمسك بسياسات محددة إزاء منطقة الشرق الأوسط.

ثانيًا: من زاوية محددة، فقد الاتحاد الإفريقي قدرته على ممارسة نفوذ أو امتلاك أوراق ضغط على حكومة “إسرائيل”، إثر الأزمة الدبلوماسية الحادة التي نجمت عن طرد البعثة “الإسرائيلية” من القمة الإفريقية التي عُقدت في فبراير 2023م، وكان بالإمكان ممارسة هذا الضغط من خلال التلويح بشطب عضويتها كمراقب إذا لم تكف عن استهداف المدنيين في قطاع غزة لو لم تحدث تلك الأزمة، أي أنه عضوية “إسرائيل” كمراقب كان أمر إشكالي في كل الأحوال.

ثالثًا: بالنظر إلى مبادرة جنوب إفريقيا السابقة بشأن إنهاء النزاع الروسي-الأوكراني، يمكن الحديث على أن الدبلوماسية في هذا البلد تسعى للعب دور نشط للغاية في الملفات الإقليمية والدولية الكبرى، وبالقياس على النتائج، يمكن القول إن مبادرتها بشأن الصراع في غزة تعد ضمن المحاولات وتحكمها النتائج، والتي من المنتظر ألا تسفر عن تقدم.

رابعًا: يعد الموقف الكيني هو الأكثر دعمًا للموقف “الإسرائيلي”، فيما جاءت مواقف دول إفريقية أخرى على رأسها جنوب إفريقيا أكثر انحيازًا للحقوق الفلسطينية، وغلب على بيانات غالبية الدول محاولة الحفاظ على توازن لغة الخطاب.

خامسًا: دول إفريقية عديدة لم تصدر بيانات ولم تتطرق رسميًا للتطورات الدائرة في الشرق الأوسط، ولم يتسنى العثور على تعليقات رسمية (بقدر ما أمكن الاطلاع عليه) في دول مثل سيراليون أو الكونغو أو تشاد، وهي دول لديها علاقات أو أنها تعتزم تطوير علاقاتها بإسرائيل.

 

الهوامش

[1] أنظر:

“African Union urges end to Israel-Gaza conflict, says Israeli denial of Palestinian state ‘main cause’ of tension”, The New Arab (London, UK),  October 8, 2023: https://www.newarab.com/news/african-union-urges-end-israel-gaza-conflict

[2]. انظر:

Khadiya Taouil, “Africa raises its voice in expressing its position on Hamas attacks”, Atalayar (Madrid. España), OCT 10, 2023: https://www.atalayar.com/en/articulo/politics/africa-raises-its-voice-in-expressing-its-position-on-hamas-attacks/20231010121716192142.html

[3]. إيتامار آيخنر وآخرون، “ورطة: دبلوماسية رفيعة إسرائيلية المستوى طُردت من قمة الاتحاد الإفريقي”، صحيفة يديعوت أحرونوت (بالعبرية)، 18 فبراير 2023م، على الرابط: https://www.ynet.co.il/news/article/rkrs4q0po

[4]. “جنوب أفريقيا تعرض المساعدة في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين”، صحيفة النهار (بيروت، لبنان)، 12 أكتوبر 2023م، على الرابط المختصر: https://2u.pw/yORzQbx

[5]. ” مبادرة إفريقية للوساطة في حل النزاع بين روسيا وأوكرانيا”، صحيفة الشرق (الدوحة، قطر)، 16 مايو 2023م، على الرابط المختصر: https://2u.pw/cNwHysq

[6]. المصدر السابق ذاته.

[7]. أنظر:

Martin K.N Siele, “African countries walk diplomatic line in response to Hamas attack on Israel”, Yahoo (California, United States),October 10, 2023: https://news.yahoo.com/african-countries-walk-diplomatic-line-130229339.html

[8]. Ibid

[9]. أنظر:

Isaac Mugabi, “Israel-Hamas conflict divides opinion in Africa”, Deutsche Welle (Bonn, Germany), Oct 12, 2023: https://www.dw.com/en/israel-hamas-conflict-divides-opinion-in-africa/a-67074671

[10]. Ibid

spot_img