spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

دور مراكز الفكر في صُنع السياسة العامة في إفريقيا جنوب الصحراء

أضحت مراكز الفكر والأبحاث فاعلًا مهمًّا في صُنْع السياسة العامة للدول، لا سيما المتطورة منها؛ نظرًا لأهمية البحث العلمي في تقدُّم الأمم ونهضتها الحضارية، فضلًا عن الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المراكز في عالمٍ مليءٍ بالحروب والصراعات، تتداخل من بين أضلعه التعقيدات والتشبيكات من كل الأنواع، ويتنافس للظَّفر بأكبر حجم من الموارد والثروات، وتتكاثر فيه المشاكل البيئية والكونية بشكل يُهدِّد وجوده.

وفي إفريقيا وقبل عقدين، لم تكن مراكز الفكر معروفة بالشكل المتعارف عليه اليوم، ولكن حين وصلت، مع تقاليد بحثية أخرى من الغرب، استطاعت في ظروف وجيزة أن تفرض وجودها، وتُوسِّع أنشطتها، وتتحوَّل إلى أحد المُحرِّكات الفكرية والسياسية في المشهد الإفريقي، حتى وإن كان ذلك شكليًّا في بعض الحالات.

وتشكل مراكز الفكر الإفريقية جزءًا ضئيلًا من مراكز الفكر العالمية، كما تختلف عنها من حيث طبيعة أدوارها وآليات عملها، وبالرغم من ذلك فإنها ما زالت ظاهرة حديثة في إفريقيا تستمر في النمو والتطور نتيجة لتأثير القوى الخارجية باعتبارها أحد أدوات المجتمع المدني، وتسعى لأن يكون لها دور فاعل في صُنْع السياسة العامة في إفريقيا.

وفي هذا السياق تسعى هذه الدراسة من خلال محاورها المختلفة إلى بحث واقع مراكز الفكر أو ما يُعْرَف بـthink thanks من الناحية النظرية كإطار عام، مع التركيز على تطوُّرها ودورها في صنع السياسة العامة في إفريقيا، والتحديات التي تواجهها، والسيناريوهات المستقبلية لطبيعة دورها.

 

محتويات الدراسة:

أولًا: مراكز الفكر في إفريقيا: مدخل نظريّ.

ثانيًا: نشأة وتطوُّر مراكز الفكر في إفريقيا.

 ثالثًا: دور مراكز الفكر في صُنع السياسة العامة في إفريقيا.

رابعًا: تحديات المشاركة في صنع السياسة العامة.

خامسًا: هل أصبح دعم القطاع الخاص ضروريًّا لتفعيل مراكز الفكر في إفريقيا؟

سادسًا: السيناريوهات المستقبلية لدور مراكز الفكر في صنع السياسة العامة في إفريقيا.

 

أولًا: مراكز الفكر في إفريقيا: مدخل نظري

 

يُعدّ تحديد المفاهيم من الأمور المهمة في الدراسات السياسية؛ وذلك بسبب ما تثيره هذه المفاهيم من إشكالات مرتبطة بطبيعة الظاهرة السياسية نفسها المُتَّسمة بالتعقيد والتشابك وعدم الثبات، ومن هذه المفاهيم: “مراكز الفكر”؛ حيث إن إعطاء تعريف جامع ومانع لها لا يزال محل خلاف؛ نظرًا إلى أن معظم المؤسسات والمراكز المنتمية إلى مجال البحث لا تَعُدّ نفسها من حقل thinktanks في وثائق تعريف الهوية الذاتية، وإنما تعلن عن نفسها كمنظمة غير حكومية أو منظمة غير ربحية، ما يُبقي المفهوم غامضًا يحتمل أكثر من تعريف؛ فعبارة thinktanks كانت تُستخدم في الأصل في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية؛ للإشارة إلى قاعة آمنة أو بيئة ملائمة يلتقي فيها علماء الشؤون الدفاعية والمخططون العسكريون لمناقشة المسائل الإستراتيجية، والمصطلح نفسه يُستخدَم لوصف أنواع عديدة من المؤسسات المنخرطة في نشاط تحليل السياسة([1]).

ويُعرِّف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المنظمات البحثية، ومن بينها مراكز الفكر على أنها “منظمات ملتزمة بصورة دورية بإجراء الأبحاث والدفاع عن أيّ موضوع يتعلق بالسياسات العامة؛ بحيث تُشكِّل جسرًا يربط بين المعرفة والسلطة في الديمقراطيات الحديثة”([2]). وأهم ما يميز هذا التعريف أنه يَعتبر المراكز البحثية هيئات وسيطة بين المعرفة والسلطة أو بين السياسيين والأكاديميين.

كما يعرّفها ريتشارد هاس بأنها: “مؤسسات مستقلة أُنشئت من أجل إجراء الأبحاث وإنتاج معارف مستقلة ذات صلة بدوائر صُنْع القرار السياسي”، ووفقًا لهذين التعريفين؛ فإن مراكز الفكر تُجسِّد حلقة وصل بين الأوساط الأكاديمية والحكومية، فهي تساعد على تقريب الأفكار والرؤى إلى صناع القرار، على اعتبار أن هذه المراكز البحثية تجمع بين ميزتين مُهمتين، هما توافر العلم والخبرة العلمية المتراكمة من جهة، وتوافر الإمكانات والوقت اللازم لأعمال الفكر والتحليل والتركيب لبناء النظرة الاستشرافية التي تُعدّ أساسًا ضروريًّا لأي إستراتيجية سياسية من جهة أخرى([3]).

أما ماكغان فيقول: إن “مؤسسات الفكر والرأي هي مؤسسات أبحاث وتحليلات مشاركة في السياسة العامة تُنتج أبحاثًا موجَّهة نحو السياسات، وتحليلات ومشورة بشأن القضايا المحلية والدولية التي تُمَكِّن صانعي السياسات والجمهور من اتِّخاذ قرارات مستنيرة بشأن قضايا السياسة العامة”، ويتميز هذا التعريف بعدم التفرقة بين المؤسسات التابعة للقطاع العام أو شبه المستقلة، عن المؤسسات الخاصة المستقلة، وبالتالي فإنَّ التعريف يأخذ نطاقًا أوسع عن التعريفات السابقة([4]).

وتشبه “مراكز الفكر” مراكز البحوث والدراسات شكلًا، لكنَّها تختلف عنها غايةً ومضمونًا، وإن تقاربت التسميات وتشابهت؛ حيث لا ترمي مراكز البحوث (أو الأبحاث) إلى أبعد من الغايات الأكاديمية والحياد الموضوعي الصِّرْف من حيث المبدأ، أما مراكز الفكر (أو التفكير) فتستهدف غايات استراتيجية محدَّدة من خلال سعيها إلى الانخراط في صنع القرار السياسي العام([5]).

ومن خلال ما سبق يمكن وضع تعريف لمراكز الفكر، على أنها “مؤسسات تقوم بإجراء البحوث وتحليل السياسات؛ من أجل التأثير في صُنْع السياسة العامة للدول؛ من خلال دراسة الأحداث الداخلية والقضايا الخارجية المهمة والمؤثرة؛ وتقديم مخرجات وتوصيات لصانعي القرار ومتخذي السياسات على المستويين الوطني والمحلي في بيئة معينة”. ويتميز هذا التعريف بإضافة الأدوات التي تستخدمها هذه المراكز، وهو ما يساعد في تمييزها عن المنظمات الأخرى، مثل المنظمات غير الحكومية التي قد تكون مهتمة فقط بتقديم الخدمة المجتمعية للمواطنين ومساعدة الفقراء([6]).

 

ثانيًا: نشأة وتطور مراكز الفكر في إفريقيا

شهدت الدول الإفريقية ظهور المؤسسات البحثية في فترة الاستعمار؛ حيث أنشأ الاستعماريون مؤسسات بحثية تُركِّز على احتياجات السكان المستوطنين، والتي كانت تقع بشكل أساسي داخل الكليات أو الجامعات التقنية، وخلال السنوات الأولى من الاستقلال، أُعِيد تشكيل معاهد البحوث الاستعمارية السابقة لتعزيز النمو والتنمية، بينما استثمرت الحكومات الجديدة مبلغًا كبيرًا من المال لتوسيع البحث والتطوير([7]).

وقد أنشأ أول رئيس لغانا كوامي نكروما في الستينيات مراكز بحثية لصياغة السياسات الداعمة لاتجاه الوحدة الإفريقية ومناهضة الاستعمار ودعم حركات التحرير؛ إلا أنه مع نظام الحزب الواحد الذي كان سائدًا في معظم الدول الإفريقية منذ الاستقلال، وتقليص الحكومات الإفريقية بعد الاستقلال لأيّ أدوار فاعلة للمجتمع المدني، لم تشهد هذه الفترة ظهور عدد كبير من مراكز الفكر، واقتصرت على عدد محدود تابع للحكومة وبأدوار شكلية لا تأثير لها في صُنْع السياسة العامة في الدول الإفريقية([8]).

وفي السبعينيات والثمانينيات، جعلت برامج التكيُّف الهيكلي والمالي في دول جنوب الصحراء الكبرى من الصعب الحصول على الدعم المالي لمراكز الفكر والأبحاث من المصادر الحكومية، وقد أدى ذلك إلى تقليص دور وإغلاق عدد كبير من مراكز البحوث الحكومية، مما أدى إلى انتشار مراكز الأبحاث المستقلة المُموَّلة من الخارج، بالإضافة إلى هجرة العلماء والمفكرين؛ ما أَثَّر على دور هذه المراكز في صُنْع السياسات؛ لذلك فإن التحرير الاقتصادي والسياسي الذي شهدته القارة الإفريقية كان له تأثيرات كبيرة على مؤسسات الفكر في إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث ترتب عن ذلك([9]):

 

– زيادة مراكز الفكر الجديدة استجابةً لزيادة تمويل المانحين وتصورًا لتوسيع مساحة المجتمع المدني.

– الاتجاه مِن قِبَل مؤسسات الفكر والرأي في البداية إلى إعطاء الأولوية لقضايا السياسة المتعلقة بالتحرير السياسي والاقتصادي.

– تلقّي العديد من مؤسسات الفكر والرأي تمويلًا من نفس الجهات المانحة التي أقرضت الحكومات الإفريقية لمُراقَبة تنفيذ سياسة الحكومة والمساعدة في تحسينها، وبالتالي توفير آلية للجهات المانحة لمساءلة الحكومات المتلقية للتمويل.

– سعي مؤسسات الفكر لمواءمة نتائج أبحاثها مع الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية المتداخلة والمتناقضة أحيانًا.

– تنافس مؤسسات الفكر مع الحكومات للحصول على التمويل من المؤسسات الدولية؛ مثل البنك الدولي ووحداته البحثية.

 

وقد أنشئ أول مركز فكري في إفريقيا جنوب الصحراء في جنوب إفريقيا، وهو معهد جنوب إفريقيا للعلاقات العرقية الذي تأسَّس في عام 1929م، وبحلول عام 2008م كانت هناك 424 مؤسسة فكرية في إفريقيا جنوب الصحراء، و554 في عام 2012م، هذا النمو في عدد مؤسسات الفكر والرأي كان مدفوعًا بالقوة التحويلية لثورة تكنولوجيا المعلومات، والتعقيد المتزايد لمشاكل السياسة، وأزمة الثقة تجاه الحكومات الإفريقية مِن قِبَل المجتمع الدولي، والعولمة ونمو المنظمات غير الحكومية، والحاجة إلى المعلومات والتحليل بالشكل المناسب وفي التوقيت المناسب([10]).

 

لذلك يمكن تحديد أربع مراحل أساسية لتطوير مؤسسات الفكر في إفريقيا, وهي:

أولًا: مع حصول الدول الإفريقية على استقلالها في أواخر الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، تم إنشاء مراكز فكرية لمساعدة الحكومات الناشئة على بناء أُسُس قوية للحكم، وخلال السبعينيات كان هناك تهميش متزايد للمؤسسات الفكرية والخوف من أن نموّها قد يؤدي إلى التحريض على تغيير الأنظمة الحاكمة.

ثانيًا: حفَّزت برامج التكيف الهيكلي في الثمانينيات إنشاء مؤسسات بحثية لقياس تأثير الاقتصادات الإفريقية واقتراح استجابات سياسية([11]).

ثالثًا: مع بداية التسعينيات وظهور موجة التحول الديمقراطي؛ انتشرت مراكز الفكر في إفريقيا، خاصةً بعد سعي بعض الحكومات الإفريقية إلى البحث عن معلومات من مراكز الأبحاث الوطنية، وعلى الرغم من ذلك لم تُؤدِّ هذه الإجراءات إلى مشاركة فعَّالة لمراكز الفكر في صنع السياسة العامة، وظل الوضع في إفريقيا مقتصرًا على وجود مجموعة من مراكز الفكر لم تسمح لهم الدولة بالتدخل بشكل رسمي في الحياة السياسية، والمشاركة في اتخاذ القرارات المهمة وصناعة السياسة العامة للدولة بشكل حقيقي وواقعي، بل اقتصر دورها على نشر وإصدار الكتب والمجلات العلمية، وتنظيم العديد من الندوات والمؤتمرات وورش العمل، فضلًا عن القيام باستطلاع الآراء حول قضية معينة تهمّ الأجهزة الإدارية، ودعوة بعض الشخصيات المهمة والباحثين للمشاركة في بعض الأعمال على المستوى العالمي([12]).

رابعًا: مع بداية القرن العشرين، وبروز المجتمع المدني كفاعل مُهِمّ ومُؤثِّر في سياسات الدول؛ اعتُبِرَتْ مراكز الفكر مظهرًا من مظاهر الديمقراطية والحكم الرشيد، حتى وإن لم يكن لها دور فاعل على أرض الواقع، فمع  تزايد الاهتمام بالمراكز البحثية الإستراتيجية على المستوى العالمي؛ جاء الاهتمام الإفريقي بها، وأصبحت مراكز الفكر الإستراتيجية هي أداة لتقييم الدولة، وتحديد درجة تحضرها، ومدى تقدمها في مجال البحث العلمي والتقني وقدرتها على التعاون مع أجهزة الدولة في صنع القرار([13]).

 

 

 

ثالثًا: دور مراكز الفكر في صنع السياسة العامة في إفريقيا

هناك ثلاثة نماذج نظرية رئيسة في الأوساط الأكاديمية تُفسِّر تأثير مراكز الفكر في صنع القرار والسياسة العامة للدولة([14]):

الأولى: نظرية التعددية:

وفقًا لهذه النظرية، تُعدّ مؤسسات الفكر واحدة من الجهات الفاعلة المتعددة التي تؤثر على آلية صنع القرار، ولا تختلف كثيرًا عن مجموعات المصالح الأخرى، كما أن خبراء السياسة في مؤسسات الفكر تابعون لمختلف السلطات سواء التشريعية أو التنفيذية، وفي الغالب يُمكنهم فقط جَمْع المعلومات وتحليلها، أما فيما يتعلق بإمكانية تبنّي توصيات ونتائج الدراسات التي قدّموها؛ فإن ذلك يعتمد على صانعي القرار أنفسهم، كما ترى النظرية أيضًا أن مؤسسات الفكر تتنافس مع بعضها البعض للتأثير على السياسات في بيئة سياسية شديدة التنافس.

الثانية: النظرية النخبوية:

ترى أن مراكز الفكر تُزوِّد النُّخَب السياسية وصُنّاع القرار بإطار معرفي محترف، والذي يمكن أن يعزز بشكلٍ فعالٍ شرعية وعقلانية صنع القرار، كما قد يقيّد أو يُشكّل تفضيلات لسياسة النخبة في صنع القرار، يعتقد بعض النخبة أن القوة الدافعة الرئيسة وراء العملية السياسية هي خبراء السياسة في مراكز الفكر.

الثالثة: النظرية التعاونية:

التي تؤكد على البيئة الهيكلية التي توجد فيها مراكز الفكر والأبحاث، وكذا القواعد والمعايير التي تُشكِّل سلوكها، ومختلف الترتيبات التي يجب أن تستجيب لها، لذا يعتقد هذا النموذج أن الهيكل البيئي والوظائف المؤسسية تقيد الجهات الفاعلة بما في ذلك مراكز الفكر، ولكن في نفس الوقت تدرك أنها تلعب دورًا مهمًّا في عملية صنع القرار.

وفي إفريقيا يتقاطع دور مراكز الفكر في أجزاء منها مع بعض الأدوار المتعارف عليها لمراكز الأبحاث في العالم الغربي، وتختلف كليًّا في أدوار أخرى؛ حيث لا تمتلك مراكز الفكر في إفريقيا بشكل عام التأثير والدور الذي تلعبه مراكز الفكر الغربية في إعداد السياسات العامة أو لدى صناع القرار وفي خدمة البحث العلمي، بل إن هناك بعض الدول الإفريقية لا يتخطَّى عدد المراكز بها مركزًا واحدًا، وعلى الرغم من أن مراكز الفكر في إفريقيا تعيش حالة من التطور والنمو؛ سواء من حيث الانتشار أو من حيث التأثير والفعالية؛ إلا أنه ما يزال الأمر في مراحل غير متقدمة ووضع هذه المراكز لا يزال هشًّا مقارنةً بما هو موجود في الدول الغربية، فضلًا عن انخفاض عددها وقلة تفاعلها مع البيئة المحيطة بها، في انعكاسٍ واضحٍ لتخلُّف هذه الدول في مجال البحث العلمي، إضافةً إلى العديد من المُعوِّقات والتحديات التي تواجه تلك المراكز([15]).

كما أنَّ معظم المراكز التي تُصنِّف نفسها كمراكز فِكْر ليست مراكز فكر بالمعنى المعروف في التجارب الدولية، فلا تهتم بعملية صنع السياسة العامة، والقضايا التي تَضعها بعض هذه المراكز على أجندتها تخرج عن دائرة الشأن العام، كما أن بعضها لا يمتلك آلية مخاطبة صانع القرار عبر إعداد أوراق السياسات العامة، ومِن ثَم تخرج من نطاق الدراسة بالأساس، فالمعيار الحاكم هو مدى اهتمام تلك المراكز بقضايا السياسة العامة وقُدرتها على طرح بدائل السياسات لصانع القرار([16]).

وقد أجرى مؤشر Global Go to Think Tank Index 3 لعام 2012م مراجعة لأكثر من 6600 مؤسسة فكرية في 182 دولة، منها 554 في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، و339 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وتوصل إلى أن جنوب إفريقيا، التي تضم 84 مؤسسة فكرية، تحتل المرتبة 12 عالميًّا، وارتفعت النسبة المئوية للمراكز البحثية في العالم الموجودة داخل المنطقة الإفريقية من 11,8 بالمائة في عام 2008م إلى 16,5 بالمائة في عام 2013م.

 

جدول رقم (1)

يوضح عدد مراكز الفكر في العالم، ومنها إفريقيا جنوب الصحراء في عام 2020م

Sourse: 2020 Global Go To Think Tank Index Report, report (Philadelphia: The University Of Pennsylvania, 2021), P43

من خلال هذا الجدول يمكن التعرف على عدد مراكز الفكر في إفريقيا جنوب الصحراء في عام 2020م، والذي  بلغ 679 مركزًا، وذلك من ضمن 11175 مركزًا على مستوى العالم، في الوقت الذي بلغ فيه عدد مراكز الفكر في آسيا 3389، وفي أوروبا 2932 وفي أمريكا الشمالية 2397، وفي وسط وجنوب أمريكا 1179، بينما بلغ عدد مراكز الفكر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 599، وهو ما يؤكد انخفاض أعداد مراكز الفكر في إفريقيا مقارنةً بباقي مناطق العالم.

 

جدول رقم (2)

يوضح توزيع مراكز الفكر حسب الدولة في إفريقيا جنوب الصحراء

Source: 2020 Global Go To Think Tank Index Report, report (Philadelphia: The University Of Pennsylvania, 2021),P45.

يتضح من الجدول السابق وجود تفاوت في توزيع أعداد مراكز الفكر في الدول الإفريقية؛ حيث حصلت جنوب إفريقيا على أكبر عدد من المراكز بعدد 102 مركز، تليها كينيا بعدد 64، ثم نيجيريا بعدد 52، ثم غانا بعدد 44، ثم أوغندا بعدد 36، ثم إثيوبيا بعدد 31.

بينما جاءت غينيا بيساو كأقل دولة تحتوي على مراكز فكر بعدد مركز واحد، ثم جمهورية إفريقيا الوسطى والجابون والنيجر والرأس الأخضر وسيراليون بعدد مركزين لكل دولة، وتشاد وليسوتو وسيشيل بعدد 3 مراكز لكل دولة.

إلا أنه مع ذلك هناك بعض الدول الإفريقية تلعب فيها مراكز الفكر دورًا مُهمًّا في صُنع السياسة العامة، وتحظى باهتمامٍ ودعمٍ من الدولة، سواء فيما يتعلق بتسهيل إنشائها، ونسبة الإنفاق الحكومي عليها، أو فيما يتعلق بارتفاع عدد الباحثين المتفرغين للبحث العلمي والتطوير. ومن هذه الدول: جنوب إفريقيا التي تُعتبر من أكثر الدول الإفريقية احتواءً على مراكز الفكر، والتي بدروها تلعب دورًا مهمًّا في صياغة السياسات، وتقديم تحليلات وتوصيات متطورة لتحسين عملية صنع القرار، وتقديم المشورة الفنية للحكومة والاستراتيجيات للتغلُّب على التحديات الديمقراطية، كما تقوم المراكز بدراسة الأزمات وتطوير مناهج متنوعة لإيصال توصياتها لأصحاب السلطة، ومن أبرز مراكز الفكر الموجودة في جنوب إفريقيا: معهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية، ومعهد أبحاث السياسة الاقتصادية، ومعهد مابونغوبوي للتفكير الاستراتيجي، وكلها تلعب دورًا مهمًّا في تشكيل مناقشات السياسة العامة([17]).

 

وفي غانا لعبت مراكز الفكر دورًا في التأثير على نتائج السياسات الحكومية في عددٍ من المجالات؛ مثل: العملية الديمقراطية والحكم الرشيد، والسياسات الاقتصادية، والإدارة وتنمية المجتمع، والمناصرة؛ حيث كان لهذه المؤسسات منذ نشأتها تأثير في تطوير وتنفيذ أول مشروع قانون انتقالي في غانا، وكذلك مشروع قانون المصالحة الوطنية، كجزء من جهودهم لضمان الحكم الرشيد في البلاد

أما في مجال السياسة الاقتصادية؛ فتواصل معظم هذه المؤسسات تكريس الكثير من مواردها لضمان قيام الحكومات بوضع السياسات التي من شأنها تعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة للبلاد، وذلك من خلال نشر أوراق حول حالة الاقتصاد، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالقطاع الاستخراجي، وتحليل الموازنة العامة للدولة، والمجال الآخر الذي تستمر فيه هذه المؤسسات في لعب أدوار بارزة هو مشاركة المواطنين، وتعزيز الحوكمة التشاركية على المستويين المحلي والوطني، بالشكل الذي أصبحت في هذه المؤسسات جزءًا من التحول النموذجي من صنع القرار التمثيلي التقليدي إلى الحوكمة التشاركية.([18])

وفي كينيا تلعب مراكز الفكر دورًا في صنع السياسة العامة والسياسة الاقتصادية من خلال أربعة مناهج رئيسة: بناء القدرات، بحث وتحليل السياسة الاقتصادية، الدعوة والمشاركة في السياسات، والاستعانة بالاستشارات. وشملت المجالات الرئيسة للمشاركة: وضع جدول الأعمال، والمشاركة في صياغة السياسات، والمساهمة في محتوى السياسة الاقتصادية؛ إلا أن معظم النصائح المتعلقة بالسياسات من مراكز الأبحاث كانت مدفوعة بالعرض وليست مدفوعة بالطلب، بالإضافة إلى ذلك، بدا أن هناك حاجزًا للتواصل بين التكنوقراط السياسيين ومراكز الفكر، مما قلَّل من مشاركة المؤسسات الفكرية في تقديم المشورة بشأن السياسة الاقتصادية، وقد قامت كلّ من مراكز الفكر والوكالات الحكومية بإنشاء برامج تبادل بين مسؤولي القطاع العام والباحثين في مراكز الفكر، وهذا من شأنه أن يمنح المؤسسات الفكرية الفرصة للتَّعرُّف على الديناميكيات الاجتماعية والسياسية لصياغة السياسات الاقتصادية وتنفيذها وتقييمها([19]).

 

رابعًا: تحديات المشاركة في صنع السياسة العامة

تواجه مراكز الفكر في إفريقيا مجموعة من المشكلات والتحديات تُعيق قيامها بدور فاعل ومؤثر في صنع السياسات العامة، سواء تلك التي تتعلق بالمراكز نفسها أو بعلاقتها ببيئتها وصانع القرار, ومن أبرز هذه المعوقات ما يلي:

1- ضعف التمويل والاعتماد على المؤسسات الدولية:

إحدى أكبر التحديات التي تواجهها مؤسسات الفكر الإفريقية هي عدم توافر التمويل واستدامته؛ حيث غالبًا ما يكون التمويل غير مؤكد، وغير منتظم، وغير كافٍ، وموزّع بشكل غير متساوٍ على مراكز الفكر، في ظل غياب مصادر ذاتية لهذه المراكز للتمويل، وغياب التمويل التي يأتي من الدولة على شكل مُخصَّصات البحث العلمي؛ مما يؤثر على سير العمل وجودة الإنتاج في ظل ضَعْف الرواتب الذي يتقاضاها الباحثون، وفي بعض الأحيان يكون عملهم بدون مقابل مادي([20])، وتتفاقم أزمة التمويل بسبب أن المؤسسات الفكرية الإفريقية تعتمد بشكل كبير على التمويل الدولي، كما تساهم المنافسة بين مراكز الفكر والمسؤولين الحكوميين في الحصول على الموارد المالية الدولية في مواجهةٍ بين المراكز والحكومات بالشكل الذي قد يترتب عليه في بعض الأحيان إغلاقها([21]).

وعليـه، فضعـف التمويـل الحكومـي والقيـود التـي تفرضهـا الدولـة عـلى مسألة التمويـل تُشـكِّل عائقًا كبــيرًا في وجــه المراكــز؛ مــا يدفعهــا في بعض الأحيان إلى محاولة الحصول على تمويلات غير مشروعة أو بمشروطيات محددة؛ بحيـث يترتب عليه مشكلات أخرى متعلقـة بالحريـة الفكريـة واسـتقلالية المراكـز في الدفـاع عـن القضايـا والأهـداف التـي تتبنّاهـا، وتحديـد أجندتـها الخاصـة. وقدَّر برنامج مراكز الفكر والمجتمع المدني بجامعة بنسلفانيا أنَّ 60% من مراكز الفكر في إفريقيا مُعرَّضة لخطر الإغلاق؛ وذلك بسبب التمويل غير المستقر([22]).

2- أزمة الاستقلال مع غياب المعلومات عن المركز وغياب التوجه الفكري:

تُواجه المؤسسات الفكرية الإفريقية عددًا من التحديات لاستقلالها، يتمثل التحدي الأول في خطر الاستقطاب مِن قِبَل الحكومة أو المعارضة السياسية؛ هذا الخطر مرتفع بشكل خاص في الأنظمة غير التنافسية والديمقراطيات الحديثة؛ حيث يُعرَض على بعض قادة مؤسسات الفكر في كثير من الأحيان مناصب أو عقود مِن قِبَل المسؤولين الحكوميين أو المعارضة؛ إذا لم يكونوا بالفعل أعضاء نشطين أو مديرين تنفيذيين للأحزاب السياسية، علاوةً على ذلك هناك عدم ثقة مِن قِبَل الجمهور في مؤسسات الفكر، اعتقادًا منهم بأنهم يعملون لصالح السلطة، كما تواجه المؤسسات الفكرية خطر أن تصبح وكلاء لتعزيز المصالح الخاصة لمانحين محددين بهدف تعزيز أجندة سياساتهم؛ لا سيما عندما لا يكون للمؤسسات الفكرية سياسة مستقلة. كما توجد أزمة في الاستقلالية القانونية إذا كانت تعمل لصالح شركات أو جمعيات، أو كيانات استشارية. وكثـير مـن المراكـز تخلـط مـا بـين دور مركز الدراسـات كبـؤرة للتفكـير والتخطيـط، وبـين دور الحـزب السـياسي والمنظمات الجماهيرية، فضلًا عن غيـاب المؤسسـية وانعــدام الهويــة الواضحــة لمراكز الفكر وتواصلهــا مــع صُنّــاع القــرار، كــما أن هــذه المراكــز لا تقـوم بـأدوار تتناسـب مـع طبيعـة عملهـا عـلى أرض الواقع([23]).

3- جودة المخرجات أقلّ من المعايير العالمية:

تكون جودة المخرجات من بعض مراكز الفكر الإفريقية أقل من المعايير العالمية المعترَف بها، مما يهدد الاستدامة؛ وذلك بسبب محدودية الباحثين المدربين تدريبًا جيدًا، فضلًا عن مُغادَرة الباحثين بعد سنوات من التدريب للحصول على وظائف ذات رواتب أفضل في منظمات أخرى، مثل المؤسسات الدولية والقطاع الخاص، في ظل تدنّي الرواتب، هذا بالإضافة إلى عدم وجود التدريب الكافي على المعايير الصحيحة، وذلك من خلال البحث المبني على البيانات والقائم على الحقائق في ظل ندرة البيانات المتاحة وحَجْبها في كثير من الأحيان من السلطة([24]).

4- محدودية التواصل مع صانعي السياسات والجمهور:

تفتقد مؤسسات الفكر الإفريقية التواصل الفعَّال والمشاركة مع صانعي السياسات والجمهور، مما يقلل من أهمية كثير من الجهود التي تقوم بها، فضلًا عن عدم وجود قنوات إعلامية قوية لهذه المراكز، وضعف التعامل مع الإعلام الجديد خاصة مواقع السوشيال ميديا، مما يجعل هذه المراكز تعمل بمعزل عن الدولة، وتقدم إنتاجًا غير مفيد، بل يتم فيه كثير من الأحيان مناقشة ووضع حلول لأزمات انتهت بالفعل([25]).

 

خامسًا: هل أصبح دعم القطاع الخاص ضروريًّا لتفعيل مراكز الفكر في إفريقيا؟

في الوقت الذي يلعب فيه القطاع الخاص في الدول المتقدمة دورًا مهمًّا في دعم مراكز الفكر والبحث العلمي بشكل عام، بقيمة تزيد عن ما تُخَصِّصه الحكومات في بعض الأحيان؛ باعتباره ضرورة لتحقيق النجاح وزيادة فرص الابتكار والاكتشافات؛ نجد تراجع هذا الدور في الدول الإفريقية؛ حيث هناك فجوة كبيرة بين القطاع الخاص ومراكز الفكر والأبحاث، وضعف فرص الشراكة بينهم، في ظل عدم وجود خطة واضحة من القطاع الخاص لدعم مراكز الفكر في إفريقيا، ولا صناديق متخصصة في تمويل الأبحاث وأوراق السياسات بالقدر الكافي من جهة، ولا حتى التنسيق بين مراكز الفكر في التخصص والإنتاج بالشكل الذي ينتج مئات الأبحاث المتشابهة ومتضائلة الجودة من جهة أخرى.

فضلًا عن عدم وجود قنوات اتصال ثابتة يمكن من خلالها التنسيق والتعاون بين القطاع الخاص ومراكز الفكر والأبحاث، وغياب الترويج مِن قِبَل مراكز الفكر للدراسات والأبحاث التي يمكن أن تُقدِّمها للقطاع الخاص، ويُستفاد منها، وكذا غياب آليات تسويق البحوث؛ وذلك لعدم وجود هيئات متخصصة في تسويق البحوث والدراسات ونقلها من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الإنتاج والتأثير، وعدم وجود حوافز لدفع القطاع الخاص للقيام بالدور المنوط به نحو الارتقاء بالبحث العلمي من دعم وتفعيل.

وتجب الإشارة إلى بعض التجارب غير الإفريقية التي لجأت فيها دول لإجبار القطاع الخاص على دعم البحث العلمي بوجه عام، وذلك مثل الكويت؛ حيث فرضت الدولة نسبة معينة من أرباح الشركات لدعم مؤسسة الكويت للأبحاث العلمية([26]).

من هنا لا بد من التأكيد على أهمية تفعيل دور القطاع الخاص في إفريقيا في دعم مراكز الفكر، وتغيير النظرة السلبية تجاهها، والتعامل مع ما تُقدِّمه من إنتاج فكري بمثابة صناعة فكرية ثقيلة تصبّ في محصلة التنمية الشاملة، وأداة فعَّالة لترشيد القرار الاستراتيجي للدولة، وهذا الدعم يمكن أن يكون بأكثر من شكل؛ سواء من خلال تقديم نسبة معينة من أرباح الشركات لدعم مراكز الفكر، أو تشكيل فِرَق عمل بالتعاون مع مراكز الفكر ومؤسسات القطاع الخاص لوضع أُسُس وسُبُل الاستفادة مما تقدمه هذه المراكز، خاصةً فيما يتعلق بدعم السياسات الاقتصادية والصناعية.

 

سادسًا: السيناريوهات المستقبلية لدور مراكز الفكر في صنع السياسة العامة في إفريقيا

من خلال ما سبق تطرح الدراسة ثلاثة سيناريوهات مستقبلية لدور مراكز الفكر في صنع السياسة العامة في إفريقيا تتمثل في:

1- السيناريو الامتدادي

يُعبِّر هذا السيناريو عن استمرار وضع مراكز الفكر كما هي عليه من إيجابيات وسلبيات، وعدم حدوث أي تغيير أو إصلاح؛ حيث يفترض جمود اللوائح والقوانين الخاصة بإنشاء مراكز الفكر وتفعيل دورها، فضلًا عن استمرار النظرة السلبية من قادة الدول لها، ووجود أزمة في التمويل، وهو ما يترتب عليه تراجع مكانة مراكز الفكر في التصنيفات العالمية، واستمرار لعبها أدوارًا شكلية لا تتناسب مع الأدوار المنوطة بها، وتبتعد عن الأدوار التي تقوم بها مراكز الفكر الغربية. ومن المؤكد أن هذا السيناريو لا يتناسب مع تفعيل دور مراكز الفكر في صناعة السياسة العامة في إفريقيا.

2- السيناريو الإصلاحي

يعتمد السيناريو الإصلاحي على إحداث بعض التحسينات والتغييرات في الأوضاع الحالية؛ من خلال دعم نقاط القوة، والتأكيد عليها، وتشجيعها، ومحاولة علاج نقاط الضعف، ومِن ثَمَّ يقوم هذا السيناريو على تحسين الوضع الحالي لمراكز الفكر في ضوء الإمكانات المتاحة في ظل إيمان الدول الإفريقية -تماشيًا مع التوجه العالمي- بأهمية مراكز الفكر في صنع السياسة العامة وتقديم الدعم اللازم. ومِن ثَم يتم تخصيص نسبة لها مِن النِّسب المقررة لدعم البحث العلمي، وعدم التضييق عليها في الحصول على التمويل من الكيانات الدولية، مما يساعد في تحسين دورها في صنع السياسة العامة.

3- السيناريو الابتكاري

يعتمد هذا السيناريو على فكرة رئيسة مؤداها حدوث نقلة نوعية وتغير جذري غير متوقع في الواقع الحالي لمراكز الفكر، بشكل يجعلها تضاهي المراكز الغربية في آلية عملها وقوتها في صنع السياسة العامة، مما ينعكس إيجابًا على منظومة البحث العلمي بوجه عام.

وبالرغم من أهمية السيناريو الإصلاحي والابتكاري في دعم  تفعيل دور مراكز الفكر في إفريقيا؛ إلا أنه يرجّح السيناريو الامتدادي؛ وذلك بسبب عوامل خاصة بالدول الإفريقية نفسها؛ منها: غياب الديمقراطية والحكم الرشيد، وعدم الاعتداد بالأفكار والبحث العلمي كطريق للتقدم، فضلًا عن التخوُّفات من السلطة من زيادة أدوار هذه المراكز بالشكل الذي يجعلها تتدخل في صُنْع السياسة العامة وصنع القرار، واستمرار النظرة السلبية لها باعتبارها تتلقَّى تمويلات غير مشروعة من الخارج.

 

وختامًا:

تحتاج مراكز الفكر في إفريقيا لمزيد من الدعم؛ باعتبارها من أهم القوى الفاعلة للتأثير على عملية صُنع السياسة وأحد دعائم الحكم الرشيد، كما أن تفعيلها يساهم في الخروج من التبعية للغرب في الإنتاج الفكري، والعمل على تقديم إنتاج فكري يعكس طبيعة الواقع الإفريقي، ويقدم حلولًا تتناسب مع طبيعته ومشكلاته، لذلك يجب زيادة الدعم المُقدّم من الحكومات الإفريقية لمراكز الفكر، وإدراجها في إطار الدعم المقدم للبحث العلمي؛ لأن الكثير من الدول الإفريقية لا تضع مراكز الفكر ضمن مخصصات البحث العلمي، كما أنه يجب تغيير ثقافة اعتبار أن الفكر يجب أن تسيطر عليه الدول الكبرى، وأن إجراء البحوث والتفكير مجرد رفاهية، فضلًا عن نظرة النُّخب السياسية لخبراء مراكز الفكر بأنهم أعداؤهم، وأن النقد الموجّه إلى طريقتهم في الحكم يستهدف إسقاطهم، وذلك في الوقت الذي يمكن التعامل مع هذا النقد على أنه مشورة، وأنها قد تقترح طرقًا أخرى أكثر فاعلية لإدارة الشؤون العامة، وهو ما يُسهّل ظهور المعرفة التي يمكن أن تُمكِّنهم من تحسين السياسات العامة للدول والشعوب.

إيمان الشعراوي / باحثة دكتوراه بكلية الدراسات الإفريقية العليا – جامعة القاهرة

المصدر: مجلة قراءات إفريقية

 

المراجع:

 

[1] -James G. McGann, The Fifth Estate: Think Tanks, Public Policy and Governance(Washington: Brookings Institution, 2016),PP11-12.

 

[2]– مراكز الفكر الاستراتيجية.. الواقع الراهن وشروط الانتقال إلى فاعلية أكبر، مركز أسبار، 28 أبريل 2021م، متاح على الرابط:

 

مراكز الفكر الاستراتيجية.. الواقع الراهن وشروط الانتقال إلى فاعلية أكبر

 

[3]– كربوع خليف وباري عبد اللطيف، دور مراكز الفكر والأبحاث في ترشيد السياسات العامة في دول المغرب العربي، مجلة المفكر (بسكرة: جامعة محمد خيضر، المجلد 16، العدد2، 2021)، ص ص 142 -143.

 

[4]– Frank Louis Kwaku Ohemeng, “Civil Society and Policy Making in Developing Countries: Assessing the Impact of Think Tanks on Policy Outcomes in Ghana”, Journal of Asian and African Studies (California: Sage Journals, Volume 50, Issue 6, 2014),P.3.

 

[5]– مراكز الفكر: القوى “الناعمة” الجديدة، مؤسسة الفكر العربي، 6 أبريل 2011م، متاح على الرابط:

 

https://arabthought.org/ar/researchcenter/ofoqelectronic-article-details?id=112&urlTitle

 

[6]– Frank Ohemeng and others, The Changing Face of Policy Development in a Democratic Developmental State: The Role of Think Tanks and Policy Advocacy in

 

Ghana, A paper presented at the 4th International Conference on Public Policy (ICPP4) June 26– 28, 2019 – Montréal, Canada(Ottawa: Department of Political Science Concordia University, 2019), PP 10-11.

 

[7] -Think Tank‐University Relations in Sub‐Saharan Africa: A Synthesis Report on 10 Country Studies, report(Nairobi: the Partnership for African Social and Governance Research (PASGR),, 2016),P.3.

 

[8]– هبة جمال الدين، مراكز الفكر.. القوة الناعمة للقارة الإفريقية، آفاق إفريقية (القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، العدد 49، 2020م)، ص 29.

 

[9]– Think Tank‐University Relations in Sub‐Saharan Africa: A Synthesis Report on 10 Country Studies, Op.Cit, P.4.

 

[10] -OUR HISTORY, Site Of The Institute of Race Relations , 2023, available at

 

https://irr.org.za/about-us/history

 

[11] -Joseph Bawa and Abdul-Jalilu Ateku, After the Structural Adjustment Programme for Africa’s Economic Crisis What Next? A Look at Some Immediate African Alternative Development Strategies(Washington: Social Science Research Network, 2020),PP4-5.

 

[12]– رحمة أحمد السيد، دور مراكز الفكر الاستراتيجية في صنع السياسات العامة المصرية، المركز العربي للبحوث والدراسات، 21 نوفمبر 2021م، متاح على الرابط:

 

http://www.acrseg.org/41762

 

[13]– Sabine Cessou, Think tanks in Africa : a special role for the road ahea, The Policy Center for the New South, available at

 

https://www.policycenter.ma/blog/think-tanks-africa-special-role-road-ahead

 

[14]– عبد الحق دحمان، أهمية مراكز الفكر في صنع السياسات الخارجية للدول (إسطنبول: مركز المجدد للبحوث والدراسات، 2021م).

 

[15] -H.E Olusegun Obasanjo, Think Tanks and Regional Integration: Strategies for Long-Term Impact”, 2018 Africa Think Tank Summit, May 31, 2018, available at

 

https://www.policycenter.ma/blog/speech-he-olusegun-obasanjo-african-think-tank-summit-%E2%80%9Cthink-tanks-and-regional-integration

 

[16]– Idem.

 

[17] -Bright Nkrumah, Think Tanks and Democratisation in South Africa, Cosmopolitan Civil Societies: An Interdisciplinary Journal (Sydney :University of Technology Sydney, Vol. 14, No. 12022(,PP 20-21.

 

[18] -Frank Ohemeng and others, Op.cit, pp18-19

 

[19] -Alex Ndungu Njeru, A critical analysis of the role of think tanks in Kenya’s Economic Policy, Master (Nairobi: Strathmore University, 2018), PP1-3.

 

[20] -Jenny Lah, Think Tank Funding In Developing Countries: Status And Outlook, report (California: William and Flora Hewlett Foundation, 2017),PP13-14

 

[21] -Ian Christoplos and others, Review of Five South Africa Based Think Tanks , report ( Stockholm,: Sweden’s government agency for development, 2015),PP 56-57.

 

[22]– هبة جمال الدين، مراكز الفكر.. القوة الناعمة للقارة الإفريقية، آفاق إفريقية (القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، العدد 49، 2020م)، ص 31.

 

[23]– نفسه.

 

[24]– Strengthening Research Institutions in Africa: A Synthesis Report, report (London :UK Department for International Development, 2019),p.12.

 

[25] -James McGann and others, The crisis of African think tanks: Challenges and solutions, brookings, December 13, 2017,available at

 

The crisis of African think tanks: Challenges and solutions

 

[26]– محمد مسعد ياقوت، القطاع الخاص ودوره في دعم البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية،1 سبتمبر 2007م، متاح على الرابط:

 

https://araa.sa/index.php?view=article&id=1486:2014-07-09-14-27-49&Itemid=172&option=com_content

spot_img