spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

اقتصاد المطارات : بوابة للنمو فكيف نستفيد منها ؟

تعتبر المطارات أكثر من مجرد مراكز  نسافر من خلالها ، بل هي اليوم محركٌ اقتصادي محوري يلعب دوراً أساسيا في التجارة و السياحة و الاستثمار فضلاً عن كونها أول محطة يراها الأجنبيُّ عن البلدان و ترسم أول انطباع له فكما يقال اللقاء الأول يصنع الانطباع الأخير

التجارة الدولية و الاستثمار و السياحة هي مجالات تسخر لها الدول وزارات و إدارات لما تُدِّرُه  من مردود مادي على الاقتصاد و لها ارتباط كبير بمستوى مطارات بلدانها و إلا سيتأثر من دون شك مجهود و فعالية هذه الوزارات التي تصرف عليها المليارات سنويا ، هذا بالإضافة طبعاً لما يجب أن توفره هذه المطارات من فرص عملٍ لأبناء البلد التي هي فيه .

إلى هنا و نحن لم نتكلم عن المردود الاقتصادي المباشر للمطارات و كيف تستطيع أن تكون إضافة للدخل العام السنوي و لنا في ذلك أمثلة كثيرة توضح أهمية الاعتناء و الاستثمار في هذا المجال على الدول .

أحد هذه الأمثلة هو مطار دبي الدولي و الذي يعتبر من أكثر المطارات ازدحاما في العالم لكونه مركزا محوريا للتجارة و السياحة و بفضله أصبحت دبي مركزاً عالميا للأعمال و النقل الجوي بحيث انعكس ذلك على الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي بمساهمته لوحده بنسبة 27% في هذا الناتج ، فأصبح بذلك السبب الرئيسي في زيادة عدد الزوار و المستثمرين فمن منا من لا يتمنى زيارة دبي بسببه ؟

مطارات أخرى على غرار هيثرو و شانغي و إنشيون و هونغ كونغ و أتلانتا ساعدت كثيراً في نمو الناتج المحلي لبلدانها بعد أن طورت البنية التحتية فيها و استثمر فيها كرافعة اقتصادية بشكل مباشر  و غير مباشرٍ لقطاعات أخرى ، كقطاع الفندقة و السياحة على سبيل المثال الذي سيكون وجهة للمستثمرين من كل سلاسل الفنادق و شركات الطيران العالمية

من بين ما قرأت عن مردود هذه المطارات لفت انتباهي ما يوفره مطار شانغي في سنغافورة من وظيفه تصل إلى 190000 وظيفة إضافة لمساهمته بنسبة 6% من الناتج المحلي السنغافوري و هي نسبة توظيفٍ كبيرة مقارنة بكثير من أمثاله عالميا بل مقارنة بما توفره أحيانا شركات تعتمد بعض البلدان عليها في اقتصادها

أي سياحة ننتظر من دون مطارات بمعايير دولية أو على الأقل توفر الحد الأدنى من الخدمات و أهمها بعد سعة المطار و بنيته التحتية و قدرته التقنية : السرعة و الحركية في التعامل مع المسافريين بلغات التواصل العالمية و بأشكال تسر الناظرين في ثوب حضاري يحتؤم الجميع حيث يتم اختيارها بعناية كبيرة ، لأنها هي من ستعطي أهم انطباع للزائر سواء كان سائحا أو مستثمرا يبحث عن مناخ ملائمٍ و جذاب للعمل فيه ، ثم إنه مما يخدم أية  دولة أن تفرض هيبتها و احترامها على الزائرين و تشعر أبناءها بالفخر و الاعتزاز بها عند الوصول لأرضها عبر البوابة الجوية أو البرية .

ذكر هذه النماذج في مقارنة مع بلدنا  فيه ظلمٌ لمطار أم التونسي الدولي رغم إنشاءه حديثا إلا أننا اعتدنا على المنافسة دائما مع دول الجوار الإفريقية منها لرضانا بالمتاح أو عدم إيماننا بفائدة الاستثمار في هذا المجال ، لكن و حتى في المقارنة بيننا مع دول الجوار و الحديث عن مطار دكار سيكون منصفاً لنا كونه أنشئ في نفس الفترة الزمنية مع مطارنا الجديد   بل و تكلفته تناهز ضعف تكلفة مطار أم التونسي إلا أنه تفوق  على صعيد البنية التحتية و على المستوى التقني و هذا ما جعله أكثر حيوية و نشاطاً من مطارنا مع وجود أرضية ملائمة للاستثمار المستقبلي  فدكار يفوق انواكشوط في البنية التحتية و في الاستثمار و الثقافة السياحية و قد يكون ذلك هو السبب وراء اختيار إحدى شركات الطيران الإماراتية العالمية له كمحطة رئيسية و لم يقع ذلك الاختيار على بلادنا  .

نسافر إلى العالم الآخر فنرى في مطاراته سوقاً مفتوحاً لعرض الماركات العالمية من ملابس و مأكولات و عطور تدفع شركاتها كثيرا لتظفر بزاوية عرض في مطارات استثمرت فيها أموالٌ و إن كانت طائلة من بلدانها ، تعود بالمردودية الكبيرة على المستوى الترويجي و السياحي و التجاري لكننا لم نستفد من طبيعة سوقنا الاستهلاكي الذي تعيقه بعض العوامل ليكون وجهة للمستثمرين من أهمها نقطة توفر مطارٍ بمعايير دولية .

spot_img