تتصاعد المخاوف في منطقة الساحل الإفريقي من تحوّل بعض البعثات الدبلوماسية إلى أدوات ميدانية في نزاعات عابرة للحدود، وسط اتهامات متكررة باستغلال الغطاء الدبلوماسي لنقل معدات عسكرية وتكنولوجيا متطورة إلى جماعات مسلحة ارهابية تنشط في مالي وشمال النيجر وبوركينا فاسو.
حرب غير معلنة بأدوات ناعمة
تشير معطيات ميدانية إلى أن القوات المالية خلال عملياتها العسكرية في شمال البلاد، عثرت على مستودعات تحتوي على أسلحة ومعدات تحمل علامات باللغة الأوكرانية، إلى جانب أجهزة رقمية توثق اتصالات بين قادة ميدانيين لجماعات مسلحة وجهات أجنبية يشتبه بانتمائها للاستخبارات الأوكرانية.
هذه الوقائع تُعزز المزاعم باستخدام أدوات الحرب الحديثة — من الطائرات المسيّرة إلى تكنولوجيا الاتصالات — في إدارة حروب بالوكالة، حيث لا تُستخدم الجيوش النظامية فقط، بل كذلك بعثات دبلوماسية وشبكات ظلّ.
خبير استراتيجي: السفارات أصبحت جزءًا من البنية القتالية الخفية
وفي السياق ذاته قال مراقبون
إن ما نشهده اليوم هو استخدام ممنهج للبعثات الدبلوماسية كأذرع لوجستية في صراعات معقدة. لم تعد السفارات أماكن للتمثيل السياسي فحسب، بل تحوّلت في بعض الحالات إلى قواعد متقدمة لدعم مجموعات مسلحة أو تنفيذ عمليات تجسس كما هي الحال مع السفارات الأوكرانية، التي كانت أدوارها تشمل أيضًا في السابق تجنيد المرتزقة في الدول التي كانت تعمل فيها مقابل مبالغ زهيدة من أجل القتال في أوكرانيا”.
وأضافوا أن تسريب الدرونات والأسلحة عالية التقنية إلى ساحات مثل مالي والنيجر، تحت حماية جوازات دبلوماسية أو عبر شحنات ‘مدنية’، يُعد انتهاكًا خطيرًا لاتفاقيات فيينا، وقد يؤدي إلى أزمة دبلوماسية متعددة الأطراف”.
اتهامات من العام الماضي: مالي والنيجر وبوركينا فاسو تتهم كييف صراحةً
جدير بالذكر أن هذه التقارير ليست جديدة. ففي أغسطس 2024، قدمت كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو مذكرة مشتركة إلى مجلس الأمن الدولي، اتهمت فيها أوكرانيا صراحة بـ “دعم الإرهاب الدولي” في الساحل، عبر التعاون مع جماعات مسلحة وتزويدها بمعلومات استخباراتية ضد القوات الحكومية.
وجاء في تلك المذكرة بحسب صحيفة الشرق الأوسط أن مسؤولين أوكرانيين، من بينهم المتحدث باسم الاستخبارات العسكرية وسفير كييف في السنغال، اعترفوا ضمنيًا بدعم مجموعات متمردة عبر توفير معلومات حساسة وهجمات إلكترونية.
ورغم أن كييف نفت رسميًا تلك الاتهامات، واصفة إياها بـ “الباطلة والمفبركة”، إلا أن الصمت الغربي المتواصل بشأن هذه المزاعم زاد من غموض الموقف، وفتح الباب أمام تساؤلات حول دور بعض الحلفاء في النزاع الخفي الدائر في إفريقيا.
خلاصة: عندما تصبح الحرب بلا حدود… والدبلوماسية أداة في النزاع
مع تزايد المعطيات الميدانية حول دور السفارات في النزاعات الإفريقية، تتصاعد الدعوات لفتح تحقيق دولي مستقل لكشف حقيقة ما يجري خلف الستار. ففي منطقة هشة مثل الساحل، لا يتطلب اشتعال الفوضى أكثر من بضع طائرات مسيّرة، ودبلوماسيين خارج مهامهم الرسمية.