spot_img

اقرأ أيضا..

شاع في هذا القسم

أموال مجهولة ووجوه مترفة.. تساؤلات حول الاقتصاد والمجتمع

بعيداً عن المدين والمُدان في قصة المليون دولار، أتساءل: كيف يتم تداول ملايين الدولارات بهذه السهولة في المحافظ الإلكترونية عندنا دون معرفة مصادرها؟ وكأننا نتعامل بعملات رقمية في عالم غريب من الغموض.

كلاب بأشكال غريبة تخرج رؤوسها من نوافذ سيارات فاخرة كأنها جزء من زينة المشهد، وهو مشهد تكرر عليَّ مرات عدة في الآونة الأخيرة. أستغرب كيف أن هناك من يصرف أموالاً طائلة على شراء وإطعام كلب، بينما في العاصمة ذاتها، هناك من لا يجد قوت يومه.

سيارات أصبحت مألوفة لدينا يوميًا، تتجاوز قيمتها خمسين مليون أوقية، يقودها صبيان مترفون، في وقت يعجز فيه المعلم، باني الأجيال، عن امتلاك دراجة هوائية توصله إلى قسمه الدراسي.

عقارات بلا ماء ولا كهرباء تُعرض للبيع بعشرات الملايين، بل أحيانًا بمئات الملايين، وتفوق أسعارها أثمان منازل في أحياء راقية في دول أوروبية. ومع ذلك، تستمر الأسعار في الارتفاع يومًا بعد يوم، ويزداد عليها الإقبال، إضافة إلى ما نشاهده من قصور مزخرفة في بعض أحياء العاصمة.

هناك أيضًا إقبال كبير على سفارات معينة للسفر بهدف السياحة والبذخ، ويُشاع أن كثيرين من هؤلاء يمتلكون عقارات ثمينة في تلك الدول. كما شاهدنا مؤخرًا مقطع فيديو لفتاة تصرخ على عامل مطعم أزعجها، وكأنها في بلدها، مما يعكس مستوى تأقلمهم وارتياحهم في بلدانهم الجديدة.

السؤال المطروح اليوم هو عن مصادر أموال هؤلاء “الأغنياء الجدد”. ليس حسدًا أو حقدًا، بل استشعارًا لخطورة الأموال المشبوهة على كيان الدولة واقتصادها، خصوصًا في دولة مقبلة على ثروة كبيرة كالغاز.

هذه ليست أموال التجار؛ فالتجار غالبًا أشخاص عقلاء، لا يميلون إلى التفاخر أو البذخ، لأنهم يعرفون قيمة المال بعد أن تعبوا في تحصيله، فلا ينفقونه على الكلاب والسيارات.

في المقابل، نرى أموالًا خيالية تُنفق على أهل الليل من منشطي السهرات وشذاذ الآفاق، إضافة إلى أعداد كبيرة من الإبل التي تُقسّم في المناسبات الاجتماعية، والتي باتت تتغير مراسيمها يومًا بعد يوم بأساليب بذخ مبتكرة.

هناك شباب في مقتبل العمر ينتظرون نتائج مباريات كرة القدم التي راهنوا عليها عبر منصات المراهنات المنتشرة للأسف، وكلهم أمل في أرباحها المشبوهة.

شباب آخرون بأسماء مستعارة على منصات التواصل الاجتماعي يدعمون، بأموال كبيرة، بعض صناع المحتوى التافه القائم على الإساءة والقذف والفضائح، دون أن يُعرف من هم أو من أين لهم هذا المال.

في ظل كل هذا، لا يزال المجتمع يُصعّب الزواج على الشباب، بينما يغض الطرف أو يتساهل مع هذه الظواهر الغريبة التي بدأت تهيمن عليه. غابت القدوة الحسنة، وتصدرت المشهد الغوغاء، وأصبح التفاخر بالسيارات والأموال التي جُمعت من الابتزاز والتهديد أمرًا مألوفًا.

فإلى أين نحن سائرون؟

spot_img